إسحاق ما رأت عيناك فبالضم ، وما لا يرى فبالفتح. وانتصب بين على أنه مفعول به يبلغ كما ارتفع في (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) (١) وانجر بالإضافة في (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) (٢) وبين من الظروف المتصرفة ما لم تركب مع أخرى مثلها ، نحو قولهم همزة بين بين.
(مِنْ دُونِهِما) من دون السدين و (قَوْماً) يعني من البشر. وقال الزمخشري : هم الترك انتهى. وأبعد من ذهب إلى أنهم جان. قال الزمخشري : وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق ، ونفى مقارنة فقههم (قَوْلاً) وتضمن نفي فقههم. وقال الزمخشري : لا يكادون يفهمونه إلّا بجهد ومشقة كأنه فهم من نفى يكاد أنه يقع منهم الفهم بعد عسر ، وهو قول لبعضهم إن نفيها إثبات وإثباتها نفي ، وليس بالمختار.
وقرأ الأعمش وابن أبي ليلى وخلف وابن عيسى الأصبهاني وحمزة والكسائي (يَفْقَهُونَ) بضم الياء وكسر القاف أي يفهمون السامع كلامهم ، ولا يبينونه لأن لغتهم غريبة مجهولة. والضمير في (قالُوا) عائد على هؤلاء القوم شكوا ما يلقون من يأجوج ومأجوج إذ رجوا عنده ما ينفعهم لكونه ملك الأرض ودوخ الملوك وبلغ إليهم وهم لم يبلغ أرضهم ملك قبله ، و (يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) من ولد آدم قبيلتان. وقيل : هما من ولد يافث بن نوح. وقيل : (يَأْجُوجَ) من الترك (وَمَأْجُوجَ) من الجيل والديلم. وقال السدي والضحاك : الترك شر ذمة منهم خرجت تغير ، فجاء ذو القرنين فضرب السد فبقيت في هذا الجانب. وقال قتادة والسدي : بني السد على أحد وعشرين قبيلة ، وبقيت منهم قبيلة واحدة دون السد فهم الترك وقد اختلف في عددهم وصفاتهم ولم يصح في ذلك شيء وهما ممنوعا الصرف ، فمن زعم أنهما أعجميان فللعجمة والعلمية ، ومن زعم أنهما عربيان فللتأنيث والعلمية لأنهما اسما قبيلتين.
وقال الأخفش : إن جعلنا ألفهما أصلية فيأجوج يفعول ومأجوج مفعول ، كأنه من أجيج النار ومن لم يهمزهما جعلها زائدة فيأجوج من يججت ، ومأجوج من مججت. وقال قطرب في غير الهمز مأجوج فاعول من المج ، ويأجوج فاعول من يج. وقال أبو الحسن عليّ بن عبد الصمد السخاوي أحد شيوخنا : الظاهر أنه عربي وأصله الهمز ، وترك الهمز على التخفيف وهو إما من الأجّة وهو الاختلاف كما قال تعالى (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ٩٤.
(٢) سورة الكهف : ١٨ / ٧٨.