يتخذه النصارى ويسمونه يوم الغطاس وهم يظنون أن المياه في ذلك اليوم تقدست فلذلك يغطسون في كل ماء ، ومن زعم أنها ولدته بمصر قال : بكورة اهناس.
قيل : ونخلة مريم قائمة إلى اليوم ، والظاهر أن النخلة كانت موجودة قبل مجيء مريم إليها. وقيل : إن الله أنبت لها نخلة تعلقت بها. وروي أنها بلغت إلى موضع كان فيه جذع نخلة يابس بال أصله مدوّد لا رأس له ولا ثمر ولا خضرة ، وأل إما لتعريف الجنس أو الداخلة على الأسماء الغالبة كأن تلك الصحراء كان بها جذع نخلة معروف فإذا قيل (جِذْعِ النَّخْلَةِ) فهم منه ذلك دون غيره. وأرشدها تعالى إلى النخلة ليطعمها منها الرطب الذي هو خرسة النفساء الموافقة لها ولظهور تلك الآيات منها فتستقر نفسها وتقر عينها ، فاشتد بها الأمر هنالك واحتضنت الجذع لشدة الوجع وولدت عيسى عليهالسلام فقالت عند ولادتها لما رأته من الآلام والتغرب وإنكار قومها وصعوبة الحال من غير ما وجه (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) وتمنت مريم الموت من جهة الدين إذ خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير فيغبنها ذلك ، وهذا مباح وعلى هذا الحد تمنى عمر بن الخطاب وجماعة من الصالحين. وأما النهي عن ذلك فإنما هو لضر نزل بالبدن ، وتقدم الخلاف من القراء في كسر الميم من مت وضمها في آل عمران ، والنسي الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى فلا يتألم لفقده كالوتد والحبل للمسافر وخرقة الطمث. وقرأ الجمهور بكسر النون وهو فعل بمعنى مفعول كالذبح وهو ما من شأنه أن يذبح. وقرأ ابن وثاب وطلحة والأعمش وابن أبي ليلى وحمزة وحفص بفتح النون. وقرأ محمد بن كعب القرظي : نسأ بكسر النون والهمز مكان الياء وهي قراءة نون الأعرابي. وقرأ بكر بن حبيب السهمي ومحمد بن كعب أيضا نسأ بفتح النون والهمز وهو مصدر من نسأت اللبن إذا صببت عليه ماء ، فاستهلك اللبن فيه لقلته فكأنها تمنت أن تكون مثل ذلك اللبن الذي لا يرى ولا يتميز من الماء.
وقال ابن عطية : وقرأ بكر بن حبيب نسا بفتح النون والسين من غير همز بناه على فعل كالقبض والنفض. قال الفراء نسي ونسي لغتان كالوتر والوتر والفتح أحب إليّ. وقال أبو علي الفارسي الكسر أعلى اللغتين. وقال ابن الأنباري : من كسر فهو اسم لما ينسى كالنقض اسم لما ينقض ، ومنه فتح فمصدر نائب عن اسم كما يقال : رجل دنف ودنف والمكسور هو الوصف الصحيح والمفتوح مصدر يسد مسد الوصف ، ويمكن أن يكونا لمعنى كالرطل والرطل والإشارة بقوله هذا إلى الحمل.