وقيل : (قَبْلَ هذا) اليوم أو (قَبْلَ هذا) الأمر الذي جرى. وقرأ الأعمش وأبو جعفر في رواية (مَنْسِيًّا) بكسر الميم اتباعا لحركة السين كما قالوا منتن باتباع حركة الميم لحركة التاء. وقيل : تمنت ذلك لما لحقها من فرط الحياء على حكم العادة البشرية لا كراهة لحكم الله أو لشدة التكليف عليها إذا بهتوها وهي عارفة ببراءة الساحة ، وبضد ما قربت من اختصاص الله إياها بغاية الإجلال والإكرام لأنه مقام دحض قلما تثبت عليه الأقدام ، أو لحزنها على الناس أن يأثم الناس بسببها. وروي أنها سمعت نداء أخرج يا من يعبد من دون الله فحزنت و (قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُ). وقال وهب : أنساها كرب الولادة وما سمعت من الناس بشارة الملائكة بعيسى.
وقرأ زر وعلقمة فخاطبها مكان (فَناداها) وينبغي أن يكون تفسيرا لا قراءة لأنها مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، والمنادي الظاهر أنه عيسى أي فولدته فأنطقه الله وناداها أي حالة الوضع. وقيل : جبريل وكان في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وقاله الحسن وأقسم على ذلك. قيل : وكان يقبل الولد كالقابلة. وقرأ ابن عباس (فَناداها) ملك (مِنْ تَحْتِها). وقرأ البراء بن عازب وابن عباس والحسن وزيد بن عليّ والضحاك وعمرو بن ميمون ونافع وحمزة والكسائي وحفص (مِنْ) حرف جر. وقرأ الابنان والأبوان وعاصم وزر ومجاهد والجحدري والحسن وابن عباس في رواية عنهما (مِنْ) بفتح الميم بمعنى الذي و (تَحْتِها) ظرف منصوب صلة لمن ، وهو عيسى أي ناداها المولود قاله أبيّ والحسن وابن جبير ومجاهد وأن حرف تفسير أي لا تحزني والسري في قول الجمهور الجدول. وقال الحسن وابن زيد وقتادة عظيما من الرجال له شأن. وروي أن الحسن فسر الآية فقال : أجل لقد جعله الله (سَرِيًّا) كريما فقال حميد بن عبد الرحمن : يا أبا سعيد إنما يعني بالسري الجدول ، فقال الحسن لهذه وأشباهها أحب قربك ، ولكن غلبنا الأمراء.
ثم أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع. وقالت فرقة : بل كانت النخلة مطعمة رطبا. وقال السدّي : كان الجذع مقطوعا وأجرى تحته النهر لجنبه ، والظاهر أن المكلم هو عيسى وأن الجذع كان يابسا وعلى هذا ظهرت لها آيات تسكن إليها وحزنها لم يكن لفقد الطعام والشراب حتى تتسلى بالأكل والشرب ، ولكن لما ظهر في ذلك من خرق العادة حتى يتبين لقومها أن ولادتها من غير فحل ليس ببدع من شأنها. قال ابن عباس : كان جذعا نخرا فلما هزت إذ السعف قد طلع ثم نظرت إلى الطلع يخرج من