هنا وهو مصدر من كلّ السيف كلّا إذا نبا عن الضريبة ، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه وتقديره كلوا كلّا عن عبادة الله أو عن الحق. ونحو ذلك ، وكنى بالكتابة عن ما يترتب عليها من الجزاء. فلذلك دلت السين التي للاستقبال أي سنجازيه على ما يقوله. وقال الزمخشري : فيه وجهان.
أحدهما : سيظهر له ونعلمه أنّا كتبنا قوله على طريقه قوله :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
أي تبين وعلم بالانتساب أني لست ابن لئيمة.
والثاني : أن المتوعد يقول للجاني سوف أنتقم منك يعني أنه لا يبخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان ، واستأخر فجردها هنا لمعنى الوعيد انتهى.
وقرأ الجمهور (سَنَكْتُبُ) بالنون والأعمش بياء مضمومة والتاء مفتوحة مبنيا للمفعول ، وذكرت عن عاصم (وَنَمُدُّ) أي نطول له (مِنَ الْعَذابِ) الذي يعذب به المستهزءون أو نزيده من العذاب ونضاعف له المدد. وقرأ عليّ بن أبي طالب (وَنَمُدُّ لَهُ) يقال مده وأمده بمعنى (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) أي نسلبه المال والولد فنكون كالوارث له. وقال الكلبي : نجعل ما يتمنى من الجنة لغيره. وقال أبو سهيل : نحرمه ما يتمناه من المال والولد ونجعله لغيره. قال الزمخشري : ويحتمل أنه قد تمنى وطمع أن يؤتيه الله في الدنيا مالا وولدا ، وبلغت به أشعبيته أن تألّى على الله في قوله (لَأُوتَيَنَ) لأنه جواب قسم مضمر ، ومن يتألّ على الله يكذبه فيقول الله عز وعلا : هب أنّا أعطيناه ما اشتهاه أما نرثه منه في العاقبة (وَيَأْتِينا فَرْداً) غدا بلا مال ولا ولد كقوله تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) (١) الآية فما يجدي عليه تمنيه وتأليه. ويحتمل أن هذا القول إنما يقوله ما دام حيا ، فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله (وَيَأْتِينا) رافضا له منفردا عنه غير قائل له انتهى.
وقال النحاس : (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) معناه نحفظه عليه للعاقبة ومنه العلماء ورثة الأنبياء أي حفظة ما قالوه انتهى. و (فَرْداً) تتضمن ذلته وعدم أنصاره ، و (يَقُولُ) صلة (ما) مضارع ، والمعنى على الماضي أي ما قال. والضمير في (وَاتَّخَذُوا) لعبادة الأصنام وقد تقدم ما يعود عليه وهم الظالمون في قوله (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ) (٢) فكل ضمير جمع ما بعده
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ٩٤.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٧٢.