عنهم. قال الزمخشري : وكان قد مضى مع النقباء إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقا إلى كلام ربه وينجز ما وعد به بناء على اجتهاده ، وظن أن ذلك أقرب إلى رضا الله ، وزال عنه أنه عزوجل ما وقت أفعاله إلا نظرا إلى دواعي الحكمة وعلما بالمصالح المتعلقة بكل وقت ، فالمراد بالقوم النقباء انتهى.
والظاهر أن قوله عزوجل (عَنْ قَوْمِكَ) يريد به جميع بني إسرائيل كما قد بيّنا قبل لا السبعين. وقال الزمخشري : وليس يقول من جوز أن يراد جميع قومه وأن يكون قد فارقهم قبل الميعاد وجه صحيح ما يأباه قوله (هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) انتهى. (وَما أَعْجَلَكَ) سؤال عن سبب العجلة وأجاب بقوله (هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) لأن قوله (وَما أَعْجَلَكَ) تضمن تأخر قومه عنه ، فأجاب مشيرا إليهم لقربهم منه إنهم على أثره جائين للموعد ، وذلك على ما كان عهد إليهم أن يجيئوا للموعد. ثم ذكر السبب الذي حمله على العجلة وهو ما تضمنه قوله (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) من طلبه رضا الله تعالى في السبق إلى ما وعده ربه ومعنى (إِلَيْكَ) إلى مكان وعدك و (لِتَرْضى) أي ليدوم رضاك ويستمر ، لأنه تعالى كان عنه راضيا.
وقال الزمخشري : فإن قلت : (ما أَعْجَلَكَ) سؤال عن سبب العجلة ، فكان الذي ينطبق عليه من الجواب أن يقال : طلب زيادة رضاك والشوق إلى كلامك وينجز موعدك وقوله (هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) كما ترى غير منطبق عليه. قلت : قد تضمن ما واجهه به رب العزة شيئين أحدهما إنكار العجلة في نفسها ، والثاني السؤال عن سبب المستنكر والحامل عليه ، فكان أهم الأمرين إلى موسى بسط العذر وتمهيد العلة في نفس ما أنكر عليه ، فاعتل بأنه لم يوجد مني إلّا تقدم يسير مثله لا يعتد به في العادة ولا يحتفل به ، وليس بيني وبين من سبقته إلا مسافة قريبة يتقدم بمثلها الوفد رأسهم ومقدمهم ، ثم عقبه بجواب السؤال عن السبب فقال (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) ولقائل أن يقول : حار لما ورد عليه من التهيب لعتاب الله فأذهله ذلك عن الجواب المنطبق المترتب على حدود الكلام انتهى. وفيه سوء أدب على الأنبياء عليهمالسلام.
وقرأ الحسن وابن معاذ عن أبيه أولائي بياء مكسورة وابن وثاب وعيسى في رواية (أُولاءِ) بالقصر. وقرأت فرقة أولاي بياء مفتوحة. وقرأ عيسى ويعقوب وعبد الوارث عن أبي عمرو وزيد بن علي إثري بكسر الهمزة وسكون الثاء. وحكى الكسائي أثري بضم الهمزة وسكون الثاء وتروى عن عيسى. وقرأ الجمهور (أُولاءِ) بالمد والهمز على (أَثَرِي)