فإذا قيل لمن يفعل شيئا ما خطبك ، فمعناه ما طلبك له انتهى. ومنه خطبة النكاح وهو طلبه. وقيل : هو مشتق من الخطاب كأنه قال له : ما حملك على أن خاطبت بني إسرائيل بما خاطبت وفعلت معهم ما فعلت (قالَ : بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ). قال أبو عبيدة : علمت ما لم يعلموا. وقال الزجاج : بصر بالشيء إذا علمه وأبصر إذا نظر. وقيل : بصر به وأبصره بمعنى واحد. وقرأ الأعمش وأبو السماك : بصرت بكسر الصاد بما لم تبصروا بفتح الصاد. وقرأ عمرو بن عبيد بصرت بضم الباء وضم الصاد بما لم تبصروا بضم التاء وفتح الصاد مبنيا للمفعول فيهما. وقرأ الجمهور (بَصُرْتُ) بضم الصاد وحمزة والكسائي وأبو بحرية والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وابن مناذر وابن سعدان وقعنب تبصروا بتاء الخطاب لموسى وبني إسرائيل وباقي السبعة (يَبْصُرُوا) بياء الغيبة.
وقرأ الجمهور (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) بالضاد المعجمة فيهما أي أخذت بكفي مع الأصابع. وقرأ عبد الله وأبي وابن الزبير وحميد والحسن بالصاد فيهما ، وهو الأخذ بأطراف الأصابع. وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف والصاد المهملة ، وأدغم ابن محيصن الضاد المنقوطة في تاء المتكلم وأبقى الإطباق مع تشديد التاء. وقال المفسرون (الرَّسُولِ) هنا جبريل عليهالسلام ، وتقديره من (أَثَرِ) فرس (الرَّسُولِ) وكذا قرأ عبد الله ، والأثر التراب الذي تحت حافره (فَنَبَذْتُها) أي ألقيتها على الحليّ الذي تصور منه العجل فكان منها ما رأيت. وقال الأكثرون رأى السامري جبريل يوم فلق البحر ، وعن عليّ رآه حين ذهب موسى إلى الطور وجاءه جبريل فأبصره دون الناس.
وقال الزمخشري : فإن قلت : لم سماه (الرَّسُولِ) دون جبريل وروح القدس؟ قلت : حين حل ميعاد الذهاب إلى الطور أرسل الله إلى موسى جبريل راكب حيزوم فرس الحياة ليذهب به ، فأبصره السامري فقال : إن لهذا لشأنا فقبض القبضة من تربة موطئه ، فلما سأله موسى عن قصته قال قبضت من أثر فرس المرسل إليك يوم حلول الميعاد ، ولعله لم يعرف أنه جبريل انتهى. وهو قول عليّ مع زيادة.
وقال أبو مسلم الأصبهاني : ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكره المفسرون ، وهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالرسول موسى عليهالسلام ، وأثره سنته ورسمه الذي أمر به ، فقد يقول الرجل : فلان يقفو أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه ، والتقدير أن موسى لما أقبل على السامري باللوم والمسألة عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القول في العجل (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي عرفت أن الذي أنتم عليه ليس بحق ، وقد كنت