يقول (لا مِساسَ) أي لا تمسني ولا أمسك. وقيل : ابتلي بعذاب قيل له (لا مِساسَ) بالوسواس وهو الذي عناه الشاعر بقوله :
فأصبح ذلك كالسامري |
|
إذ قال موسى له لا مساسا |
ومنه قول رؤبة :
حتى تقول الأزد لا مساسا
وقيل : أراد موسى قتله فمنعه الله من قتله لأنه كان شيخا. قال بعض شيوخنا وقد وقع مثل هذا في شرعنا في قصة الثلاثة الذين خلفوا أمر الرسول عليهالسلام أن لا يكلموا ولا يخالطوا وأن يعتزلوا نساءهم حتى تاب الله عليهم. وقرأ الجمهور (لا مِساسَ) بفتح السين والميم المكسورة و (مِساسَ) مصدر ماس كقتال من قاتل ، وهو منفي بلا التي لنفي الجنس ، وهو نفي أريد به النهي أي لا تمسني ولا أمسك. وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقعنب بفتح الميم وكسر السين. فقال صاحب اللوامح : هو على صورة نزال ونظار من أسماء الأفعال بمعنى أنزل وأنظر ، فهذه الأسماء التي بهذه الصيغة معارف ولا تدخل عليها لا النافية التي تنصب النكرات نحو لا مال لك ، لكنه فيه نفي الفعل فتقديره لا يكون منك مساس ، ولا أقول مساس ومعناه النهي أي لا تمسني انتهى. وظاهر هذا أن مساس اسم فعل. وقال الزمخشري (لا مِساسَ) بوزن فجار ونحوه قولهم في الظباء :
إن وردن الماء فلا عباب |
|
وإن فقدنه فلا إباب |
وهي أعلام للمسة والعبة والأبة وهي المرة من الأب وهو الطلب. وقال ابن عطية (لا مِساسَ) هو معدول عن المصدر كفجار ونحوه ، وشبهه أبو عبيدة وغيره بنزال ودراك ونحوه ، والشبه صحح من حيث هي معدولات ، وفارقه في أن هذه عدلت عن الأمر ومساس وفجار عدلت عن المصدر. ومن هذا قول الشاعر :
تميم كرهط السامري وقوله |
|
ألا لا يريد السامري مساس |
انتهى. فكلام الزمخشري وابن عطية يدل على أن مساس معدول عن المصدر الذي هو المسة ، كفجار معدولا عن الفجرة (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً) أي في يوم القيامة. وقرأ الجمهور (لَنْ تُخْلَفَهُ) بالتاء المضمومة وفتح اللام على معنى لن يقع فيه خلف بل ينجزه لك الله في الآخرة على الشرك والفساد بعد ما عاقبك في الدنيا. وقال الزمخشري : وهذا من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفا. قال الأعشى :