خرجوا إلى العيد وكانت الأصنام سبعين. وقيل : اثنين وسبعين. وقرأ الجمهور (تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) مضارع ولّى. وقرأ عيسى بن عمر (تُوَلُّوا) فحذف إحدى التاءين وهي الثانية على مذهب البصريين. والأولى على مذهب هشام وهو مضارع تولى وهو موافق لقوله (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) (١) ومتعلق (تُوَلُّوا) محذوف أي إلى عيدكم. وروي أن آزر خرج به في يوم عيد لهم فبدؤوا ببيت الأصنام فدخلوه وسجدوا لها ووضعوا بينها طعاما خرجوا به معهم ، وقالوا : لن ترجع بركة الآلهة على طعامنا فذهبوا ، فلما كان في الطريق ثنى عزمه عن المسير معهم فقعد وقال : إني سقيم. وقال الكلبي : كان إبراهيم من أهل بيت ينظرون في النجوم ، وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم لم يتركوا إلا مريضا فأتاهم إبراهيم بالذي هم فيه فنظر قبل يوم العيد إلى السماء وقال لأصحابه : إني أشتكي غدا وأصبح معصوب الرأس فخرجوا ولم يتخلف أحد غيره ، وقال (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَ) إلى آخره وسمعه رجل فحفظه ثم أخبر به فانتشر انتهى.
وفي الكلام حذف تقديره فتولوا إلى عيدهم فأتى إبراهيم الأصنام (فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً) قال ابن عباس : حطاما. وقال الضحاك : أخذ من كل عضوين عضوا. وقيل : وكانت الأصنام مصطفة وصنم منها عظيم مستقبل الباب من ذهب وفي عينيه درتان مضيئتان ، فكسرها بفأس إلا ذلك الصنم وعلق الفأس في عنقه. وقيل : علقه في يده. وقرأ الجمهور (جُذاذاً) بضم الجيم والكسائي وابن محيصن وابن مقسم وأبو حيوة وحميد والأعمش في رواية بكسرها ، وابن عباس وأبو نهيك وأبو السماك بفتحها وهي لغات أجودها الضم كالحطام والرفات قاله أبو حاتم. وقال اليزيدي (جُذاذاً) بالضم جمع جذاذة كزجاج وزجاجة. وقيل : بالكسر جمع جذيذ ككريم وكرام. وقيل : الفتح مصدر كالحصاد بمعنى المحصود فالمعنى مجذوذين. وقال قطرب في لغاته الثلاث هو مصدر لا يثنى ولا يجمع. وقرأ يحيى بن وثاب : جذذا بضمتين جمع جذيذ كجديد وجدد. وقرئ جذذا بضم الجيم وفتح الذال مخففا من فعل كسر وفي سرر جمع سرير وهي لغة لكلب ، أو جمع جذة كقبة وقبب.
وأتى بضمير من يعقل في قوله (فَجَعَلَهُمْ) إذ كانت تعبد وقوله (إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) استثناء من الضمير في (فَجَعَلَهُمْ) أي فلم يكسره ، والضمير في (لَهُمْ) يحتمل أن يعود
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ٩٠.