الدم الجامدة ومعنى (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) أي ليست كاملة ولا ملساء فالمضغ متفاوتة لذلك تفاوتوا طولا وقصرا وتماما ونقصانا. وقال مجاهد (غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) هي التي تستسقط وقاله قتادة والشعبي وأبو العالية. ولما كان الإنسان فيه أعضاء متباينة وكل واحد منها مختص بخلق حسن تضعيف الفعل لأن فيه خلقا كثيرة.
وقرأ ابن أبي عبلة (مُخَلَّقَةٍ) بالنصب وغير بالنصب أيضا نصبا على الحال من النكرة المتقدمة ، وهو قليل وقاسه سيبويه. قال الزمخشري : و (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) بهذا التدريج قدرتنا وإن من قدر على خلق البشر (مِنْ تُرابٍ) أولا (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) ثانيا ولا تناسب بين التراب والماء ، وقدر على أن يجعل النطفة (عَلَقَةٍ) وبينهما تباين ظاهر ثم يجعل العلقة (مُضْغَةٍ) والمضغة عظاما قدر على إعادة ما أبداه ، بل هذا أدخل في القدرة وأهون في القياس وورود الفعل غير معدي إلى المبين إعلام بأن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه ما لا يكتنهه الفكر ولا يحيط به الوصف انتهى.
و (لِنُبَيِّنَ) متعلق بخلقناكم. وقيل (لِنُبَيِّنَ) لكم أمر البعث. قال ابن عطية : وهو اعتراض بين الكلامين. وقال الكرماني : يعني رشدكم وضلالكم. وقيل (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) أن التخليق هو اختيار من الفاعل المختار ، ولولاه ما صار بعضه غير مخلق. وقرأ ابن أبي عبلة ليبين لكم ويقر بالياء. وقرأ يعقوب وعاصم في رواية (وَنُقِرُّ) بالنصب عطفا على (لِنُبَيِّنَ).
وعن عاصم أيضا ثم يخرجكم بنصب الجيم عطفا على (وَنُقِرُّ) إذا نصب. وعن يعقوب (وَنُقِرُّ) بفتح النون وضم القاف والراء من قر الماء صبه. وقرأ أبو زيد النحوي ويقر بفتح الياء والراء وكسر القاف وفي الكلام لابن حبار (لِنُبَيِّنَ وَنُقِرُّ) و (نُخْرِجُكُمْ) بالنصب فيهن. المفضل وبالياء فيهما مع النصب ، أبو حاتم وبالياء والرفع عمر بن شبة انتهى.
قال الزمخشري : والقراءة بالرفع إخبار بأنه تعالى يقر في الأرحام ما يشاء أن يقره من ذلك (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو وقت الوضع وما لم يشأ إقراره مجته الأرحام أو أسقطته. والقراءة بالنصب تعليل معطوف على تعليل والمعنى (خَلَقْناكُمْ) مدرجين هذا التدريج لغرضين أحدهما : أن نبين قدرتنا والثاني أن (نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) من نقر حتى يولدوا