التحرير : اختلف في الخشوع ، هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين ، والصحيح الأول ومحله القلب ، وهو أول علم يرفع من الناس قاله عبادة بن الصامت.
وقال الزمخشري : فإن قلت : لم أضيفت الصلاة إليهم؟ قلت : لأن الصلاة دائرة بين المصلي والمصلى له ، فالمصلي هو المنتفع بها وحده وهي عدته وذخيرته فهي صلاته ، وأما المصلى له فغني متعال عن الحاجة إليها والانتفاع بها.
(اللَّغْوِ) ما لا يعنيك من قول أو فعل كاللعب والهزل ، وما توجب المروءة اطراحه يعني أن بهم من الجد ما يشغلهم عن الهزل لما وصفهم بالخشوع في الصلاة أتبعهم الوصف بالإعراض عن اللغو ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف انتهى. وإذا تقدم معمول اسم الفاعل جاز أن يقوي تعديته باللام كالفعل ، وكذلك إذا تأخر لكنه مع التقديم أكثر فلذلك جاء (لِلزَّكاةِ) باللام ولو جاء منصوبا لكان عربيا والزكاة إن أريد بها التزكية صح نسبة الفعل إليها إذ كل ما يصدر يصح أن يقال فيه فعل ، وإن أريد بالزكاة قدر ما يخرج من المال للفقير فيكون على حذف أي لأداء الزكاة (فاعِلُونَ) إذ لا يصح فعل الأعيان من المزكى أو يضمن فاعلون معنى مؤدون ، وبه شرحه التبريزي. وقيل (لِلزَّكاةِ) للعمل الصالح كقوله (خَيْراً مِنْهُ زَكاةً) (١) أي عملا صالحا قاله أبو مسلم. وقيل : الزكاة هنا النماء والزيادة ، واللام لام العلة ومعمول (فاعِلُونَ) محذوف التقدير (وَالَّذِينَ هُمْ) لأجل تحصيل النماء والزيادة (فاعِلُونَ) الخير. وقيل : المصروف لا يسمى زكاة حتى يحصل بيد الفقير. وقيل : لا تسمى العين المخرجة زكاة ، فكان التغيير بالفعل عن إخراجه أولى منه بالأداء ، وفيه رد على بعض زنادقة الأعاجم الأجانب عن ذوق العربية في قوله : ألا قال مؤدّون ، قال في التحرير والتحبير : وهذا كما قيل لا عقل ولا نقل ، والكتاب العزيز نزل بأفصح اللغات وأصحها بلا خلاف. وقد قال أمية بن أبي الصلت :
المطعمون الطعام في السنة الأز |
|
مة والفاعلون للزكوات |
ولم يرد عليه أحد من فصحاء العرب ولا طعن فيه علماء العربية ، بل جميعهم يحتجون به ويستشهدون انتهى. وقال الزمخشري : وحمل البيت على هذا أصح لأنها فيه مجموعة يعني
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٨١.