على أن الزكاة يراد بها العين وهو على حذف مضاف ، أي لأداء الزكوات ، وعلل ذلك بجمعها يعني أنها إذا أريد بها العين صح جمعها ، وإذا أريد بها التزكية لم تجمع لأن التزكية مصدر ، والمصادر لا تجمع وهذا غير مسلم بل قد جاء منها مجموعا ألفاظ كالعلوم والحلوم والأشغال ، وأما إذا اختلفت فالأكثرون على جواز جمعها وهنا اختلفت بحسب متعلقاتها فإخراج النقد غير إخراج الحيوان وغير إخراج النبات والزكاة في قول أمية مما جاء جمعا من المصادر ، فلا يتعدى حمله على المخرج لجمعه.
وحفظ لا يتعدى بعلى. فقيل : على بمعنى من أي إلا من أزواجهم كما استعملت من بمعنى على في قوله (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) (١) أي على القوم قاله الفراء ، وتبعه ابن مالك وغيره والأولى أن يكون من باب التضمين ضمن (حافِظُونَ) معنى ممسكون أو قاصرون ، وكلاهما يتعدى بعلى كقوله (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) (٢) وتكلف الزمخشري هنا وجوها. فقال (عَلى أَزْواجِهِمْ) في موضع الحال أي الأوّالين على أزواجهم أو قوّامين عليهن من قولك : كان فلان على فلانة فمات عنها فخلف عليها فلانا ، ونظيره كان زياد على البصرة أي واليا عليها. ومنه قولهم : فلان تحت فلان ومن ثم سميت المرأة فراشا أو تعلق على بمحذوف يدل عليه غير ملومين ، كأنه قيل : يلامون (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) أي يلامون على كل مباشر إلّا على ما أطلق لهم (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) عليه أو يجعله صلة لحافظين من قولك احفظ عليّ عنان فرسي على تضمينه معنى النفي ، كما ضمن قولهم : نشدتك الله إلّا فعلت بمعنى ما طلبت منك إلّا فعلك انتهى. يعني أن يكون حافظون صورته صورة المثبت وهو منفي من حيث المعنى ، أي والذين هم لم يحفظوا فروجهم إلا على أزواجهم ، فيكون استثناء مفرغا متعلقا فيه على بما قبله كما مثل بنشدتك الذي صورته صورة مثبت ، ومعناه النفي أي ما طلبت منك. وهذه التي ذكرها وجوه متكلفة ظاهر فيها العجمة.
وقوله (أَوْ ما مَلَكَتْ) أريد بما النوع كقوله (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) (٣) وقال الزمخشري : أريد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث انتهى. وقوله وهم الإناث ليس بجيد لأن لفظ هم مختص بالذكور ، فكان ينبغي أن يقول وهو الإناث على لفظ ما أوهن الإناث على معنى ما ، وهذا الاستثناء حد يجب الوقوف عنده ، والتسرّي خاص بالرجال ولا يجوز للنساء بإجماع ، فلو كانت المرأة متزوجة بعبد فملكته فأعتقته حالة
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٧٧.
(٢) سورة الأحزاب : ١٣٣ / ٣٧.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٣.