غير تنوين ، وعنه عن الأحمر بالضم والتنوين وافقه أبو السماك في الأول وخالفه في الثاني. وقرأ أبو جعفر وشيبة بكسرهما من غير تنوين ، وروي هذا عن عيسى وهي في تميم وأسد وعنه أيضا ، وعن خالد بن إلياس بكسرهما والتنوين. وقرأ خارجة بن مصعب عن أبي عمرو والأعرج وعيسى أيضا بإسكانهما ، وهذه الكلمة تلاعبت بها العرب تلاعبا كبيرا بالحذف والإبدال والتنوين وغيره ، وقد ذكرنا في التكميل لشرح التسهيل ما ينيف على أربعين لغة ، فالذي اختاره أنها إذا نونت وكسرت أو كسرت ولم تنون لا تكون جمعا لهيهات ، ومذهب سيبويه أنها جمع لهيهات وكان حقها عنده أن تكون (هَيْهاتَ) إلّا أن ضعفها لم يقتض إظهار الباء قال سيبويه ، هي مثل بيضات يعني في أنها جمع ، فظن بعض النحاة أنه أراد في اتفاق المفرد ، فقال واحد : هيهات هيهة ، وتحرير هذا كله مذكور في علم النحو ولا تستعمل هذه الكلمة غالبا إلّا مكررة ، وجاءت غير مكررة في قول جرير :
وهيهات خل بالعقيق نواصله
وقول رؤبة :
هيهات من متحرق هيهاؤه
و (هَيْهاتَ) اسم فعل لا يتعدى برفع الفاعل ظاهرا أو مضمرا ، وهنا جاء التركيب (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) لم يظهر الفاعل فوجب ن يعتقد إضمار تقديره هو أي إخراجكم ، وجاءت اللام للبيان أي أعني لما توعدون كهي بعد بعد سقيا لك فتتعلق بمحذوف وبنيت المستبعد ما هو بعد اسم الفعل الدال على البعد كما جاءت في (هَيْتَ لَكَ) (١) لبيان المهيت به. وقال الزجاج : البعد (لِما تُوعَدُونَ) أو بعد (لِما تُوعَدُونَ) وينبغي أن يجعل كلامه تفسير معنى لا تفسير إعراب لأنه لم تثبت مصدرية (هَيْهاتَ) وقول الزمخشري : فمن نونه نزله منزلة المصدر ليس بواضح لأنهم قد نونوا أسماء الأفعال ، ولا نقول إنها إذا نونت تنزلت منزلة المصدر. وقال ابن عطية : طورا تلي الفاعل دون لام تقول هيهات مجيء زيد أي بعد ، وأحيانا يكون الفاعل محذوفا وذلك عند اللام كهذه الآية التقدير بعد الوجود (لِما تُوعَدُونَ) انتهى. وهذا ليس بجيد لأن فيه حذف الفاعل ، وفيه أنه مصدر حذف وأبقى معموله ولا يجيز البصريون شيئا من هذا. وقال ابن عطية أيضا في قراءة من ضم ونون أنه اسم معرب مستقل ، وخبره (لِما تُوعَدُونَ) أي البعد لوعدكم كما تقول : النجح
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٢٣.