وقال الزمخشري : وحد يحد وحدا وحدة نحو وعد يعد وعدا وعدة و (وَحْدَهُ) من باب رجع عوده على بدئه وافعله جهدك وطاقتك في أنه مصدر ساد مسدّ الحال ، أصله يحد وحده بمعنى واحدا انتهى. وما ذهب إليه من أن (وَحْدَهُ) مصدر ساد مسد الحال خلاف مذهب سيبويه و (وَحْدَهُ) عند سيبويه ليس مصدرا بل هو اسم وضع موضع المصدر الموضوع موضع الحال ، فوحده عنده موضوع موضع إيحاد ، وإيحاد موضوع موضع موحد. وذهب يونس إلى أن (وَحْدَهُ) منصوب على الظرف ، وذهب قوم إلى أنه مصدر لا فعل له ، وقوم إلى أنه مصدر لأوحد على حذف الزيادة ، وقوم إلى أنه مصدر لوحد كما ذهب إليه الزمخشري وحجج هذه الأقوال مذكورة في كتب النحو. وإذا ذكرت (وَحْدَهُ) بعد فاعل ومفعول نحو ضربت زيدا فمذهب سيبويه أنه حال من الفاعل ، أي موحدا له بالضرب ، ومذهب المبرد أنه يجوز أن يكون حالا من المفعول فعلى مذهب سيبويه يكون التقدير (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ) موحدا له بالذكر وعلى مذهب أبي العباس يجوز أن يكون التقدير موحدا بالذكر.
و (نُفُوراً) حال جمع نافر كقاعد وقعود ، أو مصدر على غير الصدر لأن معنى (وَلَّوْا) نفروا ، والظاهر عود الضمير في (وَلَّوْا) على الكفار المتقدم ذكرهم. وقالت فرقة : هو ضمير الشياطين لأنهم يفرون من القرآن دل على ذلك المعنى وإن لم يجر لهم ذكر. وقال أبو الحوراء أوس بن عبد الله : ليس شيء أطرد للشيطان من القلب من لا إله إلّا الله ثم تلا (وَإِذا ذَكَرْتَ) الآية. وقال علي بن الحسين : هو البسملة (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) أي بالاستخفاف الذي يستمعون به والهزء بك واللغو ، كان إذا قرأ صلىاللهعليهوسلم قام رجلان من بني عبد الله عن يمينه ورجلان منهم عن يساره ، فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار. وبما متعلق بأعلم ، وما كان في معنى العلم والجهل وإن كان متعديا لمفعول بنفسه فإنه إذا كان في باب أفعل في التعجب ، وفي أفعل التفضيل تعدى بالباء تقول : ما أعلم زيدا بكذا وما أجهله بكذا ، وهو أعلم بكذا وأجهل بكذا بخلاف سائر الأفعال المتعدية لمفعول بنفسه ، فإنه يتعدى في أفعل في التعجب وأفعل التفضيل باللام ، تقول : ما أضرب زيدا لعمرو وزيد أضرب لعمرو من بكر. وبه قال الزمخشري في موضع الحال كما تقول : يستمعون بالهزء أي هازئين و (إِذْ يَسْتَمِعُونَ) نصب بأعلم أي أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون وبما به يتناجون ، إذ هم ذوو نجوى (إِذْ يَقُولُ) بدل من (إِذْ هُمْ) انتهى.