العدم ؛ لأنّ العبادة لا بدّ فيها من نيّة التقرّب المتوقّفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا (١) كما في كلّ من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة. وما ذكرنا من ترتّب الثواب على هذا الفعل لا يوجب تعلّق الأمر به ، بل هو لأجل كونه انقيادا للشارع والعبد معه في حكم المطيع ، بل لا يسمّى ذلك ثوابا.
ودعوى : أنّ العقل إذا استقلّ بحسن هذا الإتيان ثبت «بحكم الملازمة» الأمر به شرعا.
مدفوعة ؛ لما تقدّم في المطلب الأوّل (٢) : من أنّ الأمر الشرعيّ بهذا النحو من الانقياد ـ كأمره بالانقياد الحقيقيّ والإطاعة الواقعيّة في معلوم التكليف ـ إرشاديّ محض ، لا يترتّب على موافقته ومخالفته أزيد ممّا يترتّب على نفس وجود المأمور به أو عدمه ، كما هو شأن الأوامر الإرشاديّة ، فلا إطاعة لهذا الأمر الإرشاديّ ، ولا ينفع في جعل الشيء عبادة ، كما أنّ إطاعة الأوامر المتحقّقة لم تصر عبادة بسبب الأمر الوارد بها في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ)(٣).
احتمال الجريان |
ويحتمل الجريان ؛ بناء على أنّ هذا المقدار من الحسن العقليّ يكفي في العبادة ومنع توقّفها على ورود أمر بها ، بل يكفي الإتيان به لاحتمال كونه مطلوبا أو كون تركه مبغوضا ؛ ولذا استقرّت سيرة العلماء والصلحاء ـ فتوى وعملا ـ على إعادة العبادات لمجرّد الخروج من مخالفة النصوص
__________________
(١) في (ت) و (ه) زيادة : «أو الظنّ المعتبر».
(٢) راجع الصفحة ٦٩.
(٣) الأنفال : ٢٠.