إلاّ أن يدّعى : أنّ المراد أنّ جعل الميتة في الجبن في مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن جبن غيره من الأماكن ، ولا كلام في ذلك ، لا أنّه لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن يحتمل أن يكون من ذلك المكان ، فلا دخل له بالمدّعى.
وأمّا قوله : «ما أظنّ كلّهم يسمّون» ، فالمراد منه عدم وجوب الظنّ أو القطع بالحلّية ، بل يكفي أخذها من سوق المسلمين ؛ بناء على أنّ السوق أمارة شرعيّة لحلّ الجبن المأخوذ منه ولو من يد مجهول الإسلام.
إلاّ أن يقال : إنّ سوق المسلمين غير معتبر مع العلم الإجماليّ بوجود الحرام ، فلا مسوّغ للارتكاب إلاّ كون الشبهة غير محصورة ، فتأمّل.
الوجه الخامس :
٥ ـ أصالة البراءة |
أصالة البراءة ؛ بناء على أنّ المانع من إجرائها ليس إلاّ العلم الإجماليّ بوجود الحرام ، لكنّه إنّما يوجب الاجتناب عن محتملاته من باب المقدّمة العلميّة ، التي لا تجب إلاّ لأجل وجوب دفع الضرر وهو العقاب المحتمل في فعل كلّ واحد من المحتملات ، وهذا لا يجري في المحتملات الغير المحصورة ؛ ضرورة أنّ كثرة الاحتمال توجب عدم الاعتناء بالضرر المعلوم وجوده بين المحتملات.
ألا ترى الفرق الواضح بين العلم بوجود السمّ في أحد إناءين أو واحد (١) من ألفي إناء؟ وكذلك بين قذف أحد الشخصين لا بعينه
__________________
(١) كذا في النسخ ، والأنسب : «وواحد».