الخارج فالأصل عدمه. والعقل ـ أيضا ـ يحكم بوجوب القطع بإحراز ما علم وجوبه تفصيلا ، أعني المفهوم المعيّن المبيّن المأمور به ؛ ألا ترى : أنّه لو شكّ في وجود باقي الأجزاء المعلومة ـ كأن لم يعلم أنّه أتى بها أم لا ـ كان مقتضى العقل والاستصحاب وجوب الإتيان بها؟
الفرق بين المسألة والمسائل المتقدّمة من الشبهة الحكميّة |
والفارق بين ما نحن فيه وبين الشبهة الحكميّة من المسائل المتقدّمة التي حكمنا فيها بالبراءة هو : أنّ نفس (١) التكليف فيها (٢) مردّد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا وبين تعلّقه بالمشكوك ، وهذا الترديد لا حكم له بمقتضى العقل ؛ لأنّ مرجعه إلى المؤاخذة على ترك المشكوك ، وهي قبيحة بحكم العقل ، فالعقل والنقل الدالاّن على البراءة مبيّنان لمتعلّق (٣) التكليف (٤) من أوّل الأمر في مرحلة الظاهر.
وأمّا ما نحن فيه ، فمتعلّق التكليف فيه مبيّن معيّن معلوم تفصيلا ، لا تصرّف للعقل والنقل فيه ، وإنّما الشكّ في تحقّقه في الخارج بإتيان الأجزاء المعلومة ، والعقل والنقل المذكوران لا يثبتان تحقّقه في الخارج ، بل الأصل عدم تحقّقه ، والعقل أيضا مستقلّ بوجوب الاحتياط مع الشكّ في التحقّق.
__________________
(١) في (ص) ، (ظ) و (ه) زيادة : «متعلّق».
(٢) في (ه) بدل «فيها» : «فيهما» ، وفي (ص) بدلها : «في المسائل المتقدّمة المحكومة بالبراءة فيها» ، وفي (ظ) بدلها : «في المسألتين المتقدّمتين المحكوم فيها بالبراءة».
(٣) في (ت) و (ر): «لتعلّق».
(٤) في (ت) و (ص) زيادة : «بما عداه» ، وفي (ر) زيادة : «لما عداه».