توضيح الاندفاع : أنّ المحرّم وهو الطرح في مقام العمل غير متحقّق ، والواجب في مقام التديّن الالتزام بحكم الله على ما هو عليه في الواقع ، وهو أيضا متحقّق في الواقع (١) ، فلم يبق إلاّ وجوب تعبّد المكلّف وتديّنه والتزامه بما يحتمل الموافقة للحكم الواقعيّ ، وهذا ممّا لا دليل على وجوبه أصلا.
والحاصل : أنّ الواجب شرعا هو الالتزام والتديّن بما علم أنّه حكم الله الواقعيّ ، ووجوب الالتزام بخصوص الوجوب بعينه أو الحرمة بعينها ، من اللوازم العقليّة للعلم (٢) التفصيليّ يحصل من ضمّ صغرى معلومة تفصيلا إلى تلك الكبرى ، فلا يعقل وجوده مع انتفائه ، وليس حكما شرعيا ثابتا في الواقع حتّى يجب مراعاته ولو مع الجهل التفصيليّ.
عدم صحّة قياس ما نحن فيه بصورة تعارض الخبرين |
ومن هنا يبطل قياس ما نحن فيه بصورة تعارض الخبرين الجامعين لشرائط الحجّية الدالّة أحدهما على الأمر والآخر على النهي ، كما هو مورد بعض الأخبار الواردة في تعارض الخبرين (٣).
ولا يمكن أن يقال : إنّ المستفاد منه ـ بتنقيح المناط ـ وجوب الأخذ بأحد الحكمين وإن لم يكن على كلّ واحد منهما دليل معتبر معارض بدليل الآخر.
فإنّه يمكن أن يقال : إنّ الوجه في حكم الشارع هناك بالأخذ
__________________
(١) لم ترد «في الواقع» في (ظ).
(٢) في (ر) و (ص) زيادة : «العادي».
(٣) الوسائل ١٨ : ٨٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٢.