لازما واقعيّا لذلك النفي ؛ فإنّ الأحكام الظاهريّة إنّما تثبت بمقدار مدلول أدلّتها ، ولا يتعدّى إلى أزيد منه بمجرّد ثبوت الملازمة الواقعيّة بينه وبين ما ثبت. إلاّ أن يكون الحكم الظاهريّ الثابت بالأصل موضوعا لذلك الحكم الآخر ، كما ذكرنا في مثال براءة الذمّة عن الدين والحجّ (١). وسيجيء توضيح ذلك في باب تعارض الاستصحابين (٢).
إذا اريد مجرّد نفي أحد الحكمين |
وإن اريد بإعماله في أحدهما مجرّد نفيه دون الإثبات ، فهو جار ، إلاّ أنّه معارض بجريانه في الآخر ، فاللازم إمّا إجراؤه فيهما ، فيلزم طرح ذلك العلم الإجماليّ ؛ لأجل العمل بالأصل ، وإمّا إهماله فيهما ، فهو المطلوب ، وإمّا إعمال أحدهما بالخصوص ، فترجيح بلا مرجّح.
نعم ، لو لم يكن العلم الإجماليّ في المقام ممّا يضرّ طرحه لزم العمل بهما ، كما تقدّم (٣) أنّه أحد الوجهين فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والتحريم.
سقوط العمل بكلّ أصل لأجل المعارض |
وكيف كان : فسقوط العمل بالأصل في المقام لأجل المعارض ، ولا اختصاص لهذا الشرط بأصل البراءة ، بل يجري في غيره من الاصول والأدلّة.
ولعلّ مقصود صاحب الوافية ذلك ، وقد عبّر هو قدسسره عن هذا الشرط في باب الاستصحاب بعدم المعارض (٤).
__________________
(١) في (ص) بدل «والحجّ» : «لوجوب الحجّ».
(٢) انظر مبحث الاستصحاب ٣ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
(٣) راجع الصفحة ١٨٠.
(٤) الوافية : ٢٠٩.