إجمالا مع كون أحد طرفيه متيقّن الإلزام من الشارع ولو بالإلزام المقدّمي ، غير مؤثّر في وجوب الاحتياط ؛ لكون الطرف الغير المتيقّن ـ وهو الأكثر في ما نحن فيه ـ موردا لقاعدة البراءة ، كما مثّلنا له بالخمر المردّد بين إناءين (١) أحدهما المعيّن نجس.
نعم ، لو ثبت أنّ ذلك ـ أعني تيقّن أحد طرفي المعلوم بالاجمال تفصيلا وترتّب أثره عليه ـ لا يقدح في وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط ، فيقال في المثال : إنّ التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر المردّد بين الإناءين يقتضي استحقاق العقاب على تناوله بتناول أيّ الإناءين (٢) اتّفق كونه خمرا ، فيجب الاحتياط بالاجتناب عنهما ، فكذلك فيما نحن فيه.
والدليل العقليّ على البراءة من هذه الجهة يحتاج إلى مزيد تأمّل.
وأمّا الخامس ، فلأنّه يكفي في قصد القربة الإتيان بما علم من الشارع الإلزام به وأداء تركه إلى استحقاق العقاب لأجل التخلّص عن العقاب ؛ فإنّ هذا المقدار كاف في نيّة القربة المعتبرة في العبادات حتّى لو علم بأجزائها تفصيلا.
كيف تقصد القربة بإتيان الأقلّ؟ |
بقي الكلام في أنّه كيف يقصد القربة بإتيان الأقلّ مع عدم العلم بكونه مقرّبا ؛ لتردّده بين الواجب النفسيّ المقرّب والمقدّمي الغير المقرّب؟
فنقول :
يكفي في قصد القربة : قصد التخلّص من العقاب ؛ فإنّها إحدى
__________________
(١) في (ر) و (ص): «الإناءين».
(٢) في (ت) و (ظ) زيادة : «إذا».