أمّا المقام الأوّل :
هل يجوز ارتكاب جميع المشتبهات؟ |
فالحقّ فيه : عدم الجواز وحرمة المخالفة القطعيّة ، وحكي عن ظاهر بعض (١) جوازها (٢).
الحقّ حرمة المخالفة القطعيّة والاستدلال عليه |
لنا على ذلك : وجود المقتضي للحرمة وعدم المانع عنها.
أمّا ثبوت المقتضي : فلعموم دليل تحريم ذلك العنوان المشتبه ؛ فإنّ قول الشارع : «اجتنب عن الخمر» ، يشمل الخمر الموجود المعلوم المشتبه بين الإناءين أو أزيد ، ولا وجه لتخصيصه بالخمر المعلوم تفصيلا.
مع أنّه لو اختصّ الدليل بالمعلوم تفصيلا خرج الفرد المعلوم إجمالا عن كونه حراما واقعيّا وكان حلالا واقعيّا (٣) ، ولا أظنّ أحدا يلتزم بذلك ، حتّى من يقول بكون الألفاظ أسامي للامور المعلومة ؛ فإنّ الظاهر إرادتهم الأعمّ من المعلوم إجمالا.
وأمّا عدم المانع : فلأنّ العقل لا يمنع من التكليف ـ عموما أو خصوصا ـ بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو امور ، والعقاب على مخالفة هذا التكليف.
وأمّا الشرع فلم يرد فيه ما يصلح للمنع عدا ما ورد ، من قولهم عليهمالسلام : «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه» (٤) ، و «كلّ
__________________
(١) هو العلاّمة المجلسي في أربعينه : ٥٨٢ ، على ما حكاه عنه في القوانين ٢ : ٢٧.
(٢) في (ظ) و (ه): «جوازه».
(٣) لم ترد «وكان حلالا واقعيّا» في (ر) ، وفي (ص) بدل «وكان» : «فكان».
(٤) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.