عدم كون الثمرة البراءة بناء على الأعمّي |
إذا عرفت أنّ ألفاظ العبادات على القول بوضعها للأعمّ كغيرها من المطلقات ، كان لها حكمها ، ومن المعلوم أنّ المطلق ليس يجوز دائما التمسّك (١) بإطلاقه ، بل له شروط ، كأن لا يكون واردا في مقام حكم القضيّة المهملة بحيث لا يكون المقام مقام بيان ؛ ألا ترى : أنّه لو راجع المريض الطبيب فقال له في غير وقت الحاجة : «لا بدّ لك من شرب الدواء أو المسهل» ، فهل يجوز للمريض أن يأخذ بإطلاق الدواء والمسهل؟ وكذا لو قال المولى لعبده : «يجب عليك المسافرة غدا».
وبالجملة : فحيث لا يقبح من المتكلّم ذكر اللفظ المجمل ـ لعدم كونه إلاّ في مقام هذا المقدار من البيان ـ لا يجوز (٢) أن يدفع القيود المحتملة للمطلق بالأصل ؛ لأنّ جريان الأصل لا يثبت الإطلاق وعدم إرادة المقيّد (٣) إلاّ بضميمة : أنّه إذا فرض ـ ولو بحكم الأصل ـ عدم ذكر القيد ، وجب إرادة الأعمّ من المقيّد ؛ وإلاّ قبح التكليف ؛ لعدم البيان ، فإذا فرض العلم بعدم كونه في مقام البيان لم يقبح الإخلال بذكر القيد مع إرادته في الواقع.
والذي يقتضيه التدبّر في جميع المطلقات الواردة في الكتاب في مقام الأمر بالعبادة : كونها في غير مقام بيان كيفيّة العبادة (٤) ؛ فإنّ قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٥) إنّما هو في مقام بيان تأكيد الأمر بالصلاة
__________________
(١) في غير (ظ) زيادة : «به».
(٢) في (ظ): «فلا يجوز».
(٣) في (ت) ، (ر) و (ص): «القيد».
(٤) كذا في (ت) ونسخة بدل (ص) ، وفي غيرهما بدل «العبادة» : «الصلاة».
(٥) البقرة : ٤٣ ، ٨٣ و ١١٠ وغيرها.