فإن قلت : فأيّ فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه؟ وما المانع من الحكم بالتخيير هنا ، كما لو لم يكن مطلق؟
فإنّ حكم المتكافئين إن كان هو التساقط ، حتّى أنّ المقيّد المبتلى بمثله بمنزلة العدم فيبقى المطلق سالما ، كان اللازم في صورة عدم وجود المطلق ـ التي حكم فيها بالتخيير ـ هو التساقط والرجوع إلى الأصل المؤسّس فيما لا نصّ فيه : من البراءة أو الاحتياط ، على الخلاف.
وإن كان حكمهما التخيير ـ كما هو المشهور نصّا وفتوى ـ كان اللازم عند تعارض المقيّد للمطلق الموجود بمثله ، الحكم بالتخيير هاهنا (١) ، لا تعيين الرجوع إلى المطلق الذي هو بمنزلة تعيين العمل بالخبر المعارض للمقيّد.
المتعارضان مع وجود المطلق |
قلت : أمّا لو قلنا : بأنّ المتعارضين مع وجود المطلق غير متكافئين ـ لأنّ موافقة أحدهما للمطلق الموجود مرجّح له ، فيؤخذ به ويطرح الآخر ـ فلا إشكال في الحكم ، وفي خروج مورده عن محلّ الكلام.
وإن قلنا : إنّهما متكافئان ، والمطلق مرجع ، لا مرجّح ـ نظرا إلى كون أصالة عدم التقييد تعبّديّا ، لا من باب الظهور النوعيّ ـ فوجه عدم شمول أخبار التخيير لهذا القسم من المتكافئين : دعوى ظهور اختصاص تلك الأخبار بصورة عدم وجود الدليل الشرعيّ في تلك الواقعة ، وأنّها مسوقة لبيان عدم جواز طرح قول الشارع في تلك الواقعة والرجوع إلى الاصول العقليّة والنقليّة المقرّرة لحكم صورة فقدان
__________________
(١) في (ر): «هنا».