لعموم البلوى بها ، فإذا لم يظفر بحديث دلّ على ذلك الحكم ينبغي أن يحكم قطعا عاديّا بعدمه ؛ لأنّ جمّا غفيرا من أفاضل علمائنا ـ أربعة آلاف منهم تلامذة الصادق عليهالسلام ، كما في المعتبر (١) ـ كانوا ملازمين لأئمّتنا عليهمالسلام في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ، وكان هممهم وهمّ الأئمّة عليهمالسلام إظهار الدين عندهم وتأليفهم كلّ ما يسمعون منهم في الاصول ؛ لئلاّ يحتاج الشيعة إلى سلوك طريق العامّة ، ولتعمل (٢) بما في تلك الاصول في زمان الغيبة الكبرى ؛ فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام لم يضيّعوا من في أصلاب الرجال من شيعتهم ، كما في الروايات المتقدّمة ، ففي مثل تلك الصورة يجوز التمسّك بأنّ نفي ظهور دليل على حكم مخالف للأصل دليل على عدم ذلك الحكم في الواقع.
إلى أن قال :
ولا يجوز التمسّك به في غير المسألة المفروضة ، إلاّ عند العامّة القائلين بأنّه صلىاللهعليهوآله أظهر عند أصحابه كلّ ما جاء به ، وتوفّرت الدواعي على جهة واحدة على نشره ، وما خصّ صلىاللهعليهوآله أحدا بتعليم شيء لم يظهره عند غيره ، ولم يقع بعده ما اقتضى اختفاء ما جاء به (٣) ، انتهى.
المناقشة فيما أفاده المحقّق قدسسره |
أقول : المراد بالدليل المصحّح للتكليف ـ حتّى لا يلزم التكليف بما لا طريق للمكلّف إلى العلم به ـ هو ما تيسّر للمكلّف الوصول إليه
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢٦.
(٢) كذا في المصدر ، وفي (ت) ، (ر) ، (ص) و (ه): «وليعمل» ، وفي (ظ) : «ويعمل».
(٣) الفوائد المدنيّة : ١٤٠ ـ ١٤١.