والحاصل : أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطّلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور ، فكما تقدّم أنّه لا يجتمع نهي الشارع عن أمر واقعيّ واحد كالخمر مع الإذن في ارتكاب المائعين المردّد بينهما الخمر ، فكذا لا يجتمع النهي عن عدّة امور مع الإذن في ارتكاب كلا الأمرين المعلوم وجود أحد تلك الامور فيهما.
الأقوى وجوب الموافقة القطعيّة أيضا |
وأمّا الموافقة القطعيّة : فالأقوى أيضا وجوبها ؛ لعدم جريان أدلّة الحلّية ولا أدلّة البراءة عقليّها ونقليّها (١).
أمّا النقليّة : فلما تقدّم من استوائها بالنسبة إلى كلّ من المشتبهين ، وإبقاؤهما يوجب التنافي مع أدلّة تحريم العناوين الواقعيّة ، وإبقاء واحد على سبيل البدل غير جائز ؛ إذ بعد خروج كلّ منهما بالخصوص ليس الواحد لا بعينه فردا ثالثا يبقى تحت أصالة العموم.
وأمّا العقل ؛ فلمنع استقلاله في المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردّد بين الأمرين ، بل الظاهر استقلال العقل في المقام ـ بعد عدم القبح المذكور ـ بوجوب دفع الضرر ، أعني العقاب المحتمل في ارتكاب أحدهما.
وبالجملة : فالظاهر عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة ، فإمّا أن تجوّز الاولى وإمّا أن تمنع الثانية.
__________________
(١) في (ر) ، (ص) و (ظ): «عقلها ونقلها».