فى الاستدلال بعد إقامة الادلّة القطعيّة على المطلوب. فاندفع ان كلّ واحد من النّصوص المذكورة خبر واحد فى مقابلة الإجماع ، ولو صحّت لما خفيت على الصّحابة والتّابعين والمحدّثين وذلك لأنّ الخبر الواحد يفيد الظّنّ. واما حديث مقابلة الإجماع فكلام واه مبنىّ على مذهب أهل الضلال ، كيف وإجماع من عدا أهل البيت باطل بالإجماع ، على انّ القدر المشترك بين تلك النّصوص متواتر قطعا.
واعلم انّ الشّارحين جعلوا بعض تلك النّصوص من قبيل النّصّ المتواتر الّذي استدلّ به المصنّف أوّلا على إمامة امير المؤمنين وهو مخالف لكلام صاحب التجريد على ما لا يخفى.
ومنها قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ). وبيانه انّه نزل باتّفاق المفسّرين فى أمير المؤمنين (ع) حيث سأله سائل وهو فى الصّلاة فتصدّق بخاتمه. وكلمة إنّما للحصر باتّفاق أئمّة التّفسير والعربيّة والولىّ إمّا بمعنى المتولّى لحقوق النّاس والمتصرّف فى أمورهم ، أو بمعنى المحبّ والنّاصر ، أو بمعنى الحرىّ والحقيق ، لكن لا يصحّ هاهنا حمله على الثّالث وهو ظاهر ، ولا على الثّاني لأنّ الولاية بمعنى المحبّة والنّصرة يعمّ المؤمنين لقوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فلا يصحّ حصرها فى بعضهم ، فتعيّن الأوّل. والمراد بالموصولين هو أمير المؤمنين لانحصار اجتماع الأوصاف المذكورة فيه ونزول الآية فى شأنه اتّفاقا ، فثبت أنّه المتولّى والمتصرّف فى حقوق النّاس فيكون هو الإمام لا غير.
وللمخالفين فى جوابه كلمات شتّى :
منها انّ الظّاهر أن يراد من الولىّ المحبّ والنّاصر ليوافق السّابق واللّاحق من الآيتين المشتملتين على الولاية ، والتّولّي بمعنى المحبّة والنّصرة.
اقول : هذا مردود ، بما بيّنا من أنه لا يصحّ حمل الولىّ هاهنا على المحبّ والنّاصر ، ورعاية التّوافق إنّما يجب إذا لم يمنع عنها مانع.