وأمّا قبائح عثمان فلأنّه ولى من ظهر فسقه حتى أحدثوا فى الدّين ما أحدثوا ، حيث ولىّ الوليد بن عتبه فشرب الخمر وصلّى وهو سكران ، واستعمل سعد بن الوقّاص على كوفة فظهر منه ما أخرجه أهل الكوفة ، وولىّ معاوية بالشّام فظهر منه الفتن العظيمة إلى غير ذلك. وأيضا آثر أهله وأقاربه بالأموال العظيمة حتى نقل انّه أعطى أربعة نفر منهم أربعمائة ألف دينار. وأيضا أخذ الحمى لنفسه مع انّ النّبيّ (ص) جعل النّاس فى الماء والكلاء شرعا. وأيضا ضرب ابن مسعود حتى مات وأحرق مصحفه ، وضرب عمّار حتى أصابه فتق ، وضرب أبا ذر ونفاه الى ربذه وكلّ ذلك منكر فى الشّرع. وأيضا أسقط القود عن عبد الله بن عمر والحدّ عن وليد بن عتبة مع وجوبهما عليهما ، امّا وجوب القود على ابن عمر فلأنّه قتل هرمزان ملك اهواز وقد أسلم بعد ما أسر في فتح اهواز. وأمّا وجوب الحدّ على الوليد فلشربه الخمر ولذلك حدّه امير المؤمنين (ع) ، إلى غير ذلك من القبائح الشنيعة الصّادرة عنه حتى خذله المؤمنون وقتلوه وقال أمير المؤمنين (ع) قتله الله ولم يدفن ثلاثة ايام.
وأمّا ما ذكروا فى تأويل تلك القبائح وتوجيهها فهى أقبح منها لغاية بعدها وركاكتها كما لا يخفى على من تأمّل فيها وأنصف واستقام التأمّل ولم يتعسّف.
وأنت تعلم انّ كل واحدة من تلك القبائح الصّادرة عنهم دليل واضح على إمامة امير المؤمنين (ع) ، كما انّ كلّ واحد من ادلّة إمامته برهان قاطع على بطلانهم. وادلّة إمامته أكثر من أن تحصى حتّى انّ المصنّف ألف كتابا فى الإمامة وأورد فيه ألفى دليل على إمامته وسمّاه الفين ، ولغيره من العلماء مصنّفات كثيرة فى هذا ، وكفاك حجّة قاطعة على إمامته قول النّبيّ (ص) : أنا مدينة العلم وعليّ بابها وقوله : أنا وعلى من نور واحد لكن المخالفين (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
ثمّ الإمام من بعده أى بعد وفات أمير المؤمنين (ع) ولده الأسنّ ابو محمّد الحسن ولد بالمدينة وقبض بها مسموما.
ثمّ بعد وفاته أخوه ابو عبد الله الحسين الشّهيد ولد بالمدينة وقتل بكربلاء.