الوجود ، وفى القسم الثّالث للاحتراز عن الممتنع لغيره وهو الممكن المعدوم ، وأمّا فى القسم الثانى فلبيان الواقع رعاية لموافقه قسميه لما تحقّق من انّه لا امكان بالغير.
ثم اعلم انهم اختلفوا فى علّة احتياج الممكن الى المؤثّر فذهب الحكماء الى انّها الامكان وحده وبعض المتكلّمين إلى انّها الحدوث وحده وبعضهم الى انها الامكان مع الحدوث شطرا ، وبعضهم الى انّها الامكان مع الحدوث شرطا. ومن هاهنا ترى الحكماء يستدلّون على ثبوت الواجب المؤثر فى العالم بإمكان الأثر ، وترى المتكلّمين يستدلّون على ذلك بحدوث الأمر إمّا بحدوث الجوهر أو بامكانها مع الحدوث كما هو طريقة الخليل ـ عليه السّلام ـ حيث قال : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) وإمّا بحدوث الأعراض أو إمكانها معه كما هو طريقة الكليم حيث قال : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) على ما قيل. والأثر على كلّ تقدير إمّا آفاقىّ أو أنفسى ، كما أشير إليه فى قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ). فطريقة الخليل آفاقيّة ، وطريقة الكليم جامعة لقسمين ، وقول امير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : من عرف نفسه فقد عرف ربّه اشارة الى الطريقة النفسية الانفسية كما لا يخفى.
ولما كان الحق المختار عند المحققين مذهب الحكماء اختاره المصنّف واستدلّ بالإمكان على ثبوت الواجب فلذا قال : ولا شكّ فى أنّ هاهنا ، أى فى الخارج موجودا ، يعنى انّ ثبوت موجود ما فى الخارج بديهىّ أوّلىّ لا يشكّ فيه عاقل ولا ينازعه إلا السّوفسطائية الّذين لا اعتداء بهم. ومن البيّن انّ الموجود فى الخارج منحصر فى الواجب الوجود لذاته والممكن الوجود لذاته ، ضرورة انّ الموجود لا يمكن أن يكون ممتنع الوجود لذاته ، فإن كان ذلك الموجود واجبا لذاته فالمطلوب وهو ثبوت واجب الوجود لذاته ثابت وإن كان ذلك الموجود ممكنا افتقر فى وجوده الخارجى إلى موجد موجود يوجده اى يوجد هذا الموجود ذلك الموجود الممكن بالضّرورة يعنى ان افتقار الممكن الى علّة موجدة له بديهىّ لا يفتقر الى دليل ، وذلك لأنّ الحكم بأنّ أحد المتساويين لا يترجّح على الآخر من