ولا فساد فيه. فعلى هذا أيضا لا حاجة للممكن الموجود إلى موجد مغاير فلا يلزم شيء من الأمور الثلاثة. وقد تصدّى المحقّقون لا بطال هذا الاحتمال ، لكن ما ذكروه من المقال لا يخلو عن ضعف واشكال ، فلم نتعرّض له مخافة الإطناب والاملال.
الثّالث ، أنّا لو سلّمنا انّ الممكن يحتاج إلى موجد مغاير له فلا نسلّم أنّه يحتاج إلى موجد موجود ، لجواز ان يكون وجوده لازما لماهيّة ممكن آخر ومترتبا عليها من حيث هى هى من غير أن يكون لوجودها مدخل فيه ، وما اتّفقوا عليه من أنّ الشّيء ما لم يوجد لم يوجد ممنوع وإن ادّعوا البداهة فيه ، لجواز ان يقتضي ذات الشيء من حيث هى هى وجود ممكن كما يقول المتكلّمون فى الواجب لذاته من أنّ وجوده زائد على ذاته ، وذاته من حيث هى هى تقتضى وجوده اقتضانا تامّا ضروريّا ، والفرق بين اقتضاء الذّات وجودها واقتضائها وجود غيرها بأن الثّاني فرع وجودها بخلاف الأوّل تحكّم بحت لا بدّ له من دليل ولا يخفى انّ هذه المنوع الثلاثة واردة على جميع براهين إثبات الواجب لذاته ، فإثباته بالدليل العقلى أمر مشكل جدّا كما اشار إليه بعض العارفين.
الرابع ، انّ اللّازم على تقدير انتفاء الواجب احد الأمور الثلاثة توقّف الشيء على نفسه او الدّور أو التسلسل. فالأولى عدم الاقتصار على الأخيرين ، إلّا أن يقال ترك ذلك الاحتمال لظهور فساده ، حتى انّ فساد الدّور مبيّن بفساد تقدّم الشيء على نفسه كما سيجيء وهو باطل الظّاهر انّ الضمير راجع الى التّسلسل وكان التّصريح بدعوى البطلان فى التّسلسل وترك التّصريح بها فى الدّور مع انّه لا بدّ من دعوى البطلان فيهما معا حتى يتمّ الدّليل اشارة الى أنّ بطلان بالدّور بديهىّ لا يحتاج الى بيان كما ذهب إليه الرّازى ، واختاره المحقق الطوسى ، حتّى كانّه لا حاجة فيه إلى دعوى البطلان أيضا بخلاف التّسلسل.
ويؤيّد تلك الإشارة ما وقع فى بعض النّسخ من قوله بعد هذا الكلام لان جميع آحاد تلك السلسلة ... بدون الواو على ان يكون دليلا على بطلان التّسلسل ، أو اشارة الى انّ بطلان التّسلسل يستلزم بطلان الدّور لاستلزام الدّور التّسلسل على ما قيل. ويحتمل أن يكون الضمير راجعا الى كلّ واحد من الدّور والتّسلسل ، أو الى أحدهما باعتبار انّ