إن الإمام أخا (١) النبي محمّد |
|
علم الهدى ، ومنارة الإيمان |
فقه الحمام ، وسر أمام لوائه |
|
قدما بأبيض صارم وسنان |
قالت : يا أمير المؤمنين ما مثلي رغب عن الحق ، ولا اعتذر إليك بالكذب.
قال : فما حملك على ذلك؟ قالت : حب علي واتباع الحق ، قال : والله ما أرى عليك من علي أثرا ، قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين ، وإعادة ما مضى ، وتذكار ما نسي قال : هيهات ما مثل مقام أخيك ينسى ، ولا لقيت من أحد (٢) ما لقيت من قومك ، قالت : صدق قولك ، لم يكن والله أخي ذميم المقام ، ولا خفي المكان ، كان والله كقول الخنساء (٣) :
وإن صخرا ليأتم الهداة به |
|
كأنه علم في رأسه نار |
وبالله أسأل أمير المؤمنين إعفائي مما استعفيت منه ، قال : قد فعلت فما حاجتك؟ قالت : يا أمير المؤمنين إنك أصبحت للناس سيدا ولأمورهم متقلدا ، والله سائلك عن أمرنا وعما افترض عليك من حقنا ، ولا يزال يقدم علينا من ينوء بعزك ، ويبطش بسلطانك ، فيحصدنا حصاد السنبل ، ويدوسنا (٤) دياس البقر ، يسومنا الخسيسة ، ويسألنا الجليل ، هذا ابن أبي أرطأة قدم بلادي فقتل رجالي وأخذ مالي. يقول : فوهى بما استعصم الله منه ، والجأ إليه فيه ، ولو لا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة ، فإما عزلته فعرفناك ، ويروى فشكرناك (٥) ، فقال معاوية : أتهدديني (٦) بقومك؟ لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس ـ وهو المائل المعرج ـ وأحملك إليه فينفذ فيك حكمه ، فأطرقت ثم بكت ورفعت رأسا تقول :
صلى الإله على روح تضمنها |
|
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا |
قد حالف الحق لا يبغي به بدلا (٧) |
|
فصار بالحق والإيمان مقرونا |
قال : من ذلك؟ قالت : علي بن أبي طالب ، قال : وما علمك بذلك؟ قالت : أتيته في رجل ولاه على صدقاتنا ، لم يكن بيننا وبينه إلّا كما بين الغثّ إلى السمين ، فوجدته قائما
__________________
(١) في ابن الأعثم : أخو.
(٢) بالأصل : «أحدا» والمثبت عن «ز».
(٣) ديوان الخنساء.
(٤) في ابن الأعثم : ويدرسنا درس الحرمل ، ويسومنا الخسف ويذيقنا الحتف.
(٥) في ابن الأعثم : فإما إن عزلته عنا فكشرناك ، وإما لا فكفرناك.
(٦) بالأصل : «أتهددني» وفي «ز» : «أتهدديني» وفي العقد الفريد وابن الأعثم : إياي تهددين.
(٧) في العقد الفريد : ثمنا.