وكذلك القول في سرّ من رأى ورامهرمز ، والنسبة إليه حضرميّ ، والتصغير حضيرموت تصغير الصدر منهما ، وكذلك الجمع ، يقال : فلان من الحضارمة مثل المهالبة ، وقيل : سميت بحاضر ميّت وهو أول من نزلها ، ثم خفف بإسقاط الألف ، قال ابن الكلبي : اسم حضرموت في التوراة حاضر ميت ، وقيل : سميت بحضرموت بن يقطن بن عامر بن شالخ ، وقيل : اسم حضرموت عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائلة بن الغوث بن قطن بن عريب ابن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ ، وقيل : حضرموت اسمه عامر بن قحطان وإنما سمي حضرموت لأنه كان إذا حضر حربا أكثر فيها من القتل فلقب بذلك ، ثم سكّنت الضاد للتخفيف ، وقال أبو عبيدة : حضرموت بن قحطان نزل هذا المكان فسمي به ، فهو اسم موضع واسم قبيلة. وحضرموت : ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر ، وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف ، وبها قبر هود ، عليه السلام ، ويقربها بئر برهوت المذكورة فيما تقدم ، ولها مدينتان يقال لإحداهما تريم وللأخرى شبام ، وعندها قلاع وقرى ، وقال ابن الفقيه : حضرموت مخلاف من اليمن بينه وبين البحر رمال ، وبينه وبين مخلاف صداء ثلاثون فرسخا ، وبين حضرموت وصنعاء اثنان وسبعون فرسخا ، وقيل : مسيرة أحد عشر يوما ، وقال الإصطخري : بين حضرموت وعدن مسيرة شهر ، وقال عمرو بن معدي كرب :
والأشعث الكنديّ ، حين إذ سما لنا |
|
من حضرموت ، مجنّب الذكران |
قاد الجياد ، علىّ وجاها أشريا ، |
|
قبّ البطون نواحل الأبدان |
وقال عليّ بن محمد الصليحي الخارج باليمن :
وألذّ من قرع المثاني عنده ، |
|
في الحرب ، ألجم يا غلام وأسرج |
خيل بأقصى حضرموت أسدها ، |
|
وزئيرها بين العراق ومنبج |
وأما فتحها : فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قد راس أهلها فيمن راسل فدخلوا في طاعته وقدم عليه الأشعث بن قيس في بضعة عشر راكبا مسلما ، فأكرمه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد الانصراف سأل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يولي عليهم رجلا منهم ، فولى عليهم زياد ابن لبيد البياضي الأنصاري وضم إليه كندة ، فبقي على ذلك إلى أن مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فارتدّت بنو وليعة بن شرحبيل بن معاوية ، وكان من حديثه أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، كتب إلى زياد بن لبيد يخبره بوفاة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويأمره بأخذ البيعة على من قبله من أهل حضرموت ، فقام فيهم زياد خطيبا وعرّفهم موت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى بيعة أبي بكر ، فامتنع الأشعث بن قيس من البيعة واعتزل في كثير من كندة وبايع زيادا خلق آخرون وانصرف إلى منزله وبكر لأخذ الصدقة كما كان يفعل ، فأخذ فيما أخذ قلوصا من فتى من كندة ، فصيّح الفتى وضجّ واستغاث بحارثة بن سراقة بن معدي كرب بن وليعة ابن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد بن الحارث : الولّادة يا أبا معدي كرب! عقلت ابنة المهرة ، فأتى حارثة إلى زياد فقال : أطلق للغلام بكرته ، فأبى وقال : قد عقلتها ووسمتها بميسم السلطان ، فقال حارثة : أطلقها أيها الرجل طائعا قبل أن تطلقها وأنت كاره! فقال زياد : لا والله لا أطلقها ولا نعمة عين! فقام حارثة فحلّ عقالها وضرب على جنبها