وقال : وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان ، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الاعجاز ، ويكون ملتبسا عند اكثر الفصحاء بكلم القرآن ، غير انه لابد ـ متى وقع ذلك ـ من أ، يدل الله عليه ويوضح لعباده الحق فيه ، ولست أقطع على كون ذلك ، بل أميل الى عدمه وسلامة القرآن منه. (١)
الشريف المرتضى : إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته، بلغت إلى حد لم يبلغه في ما ذكرناه ؛ لأن القرآن معجزة النبوية ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتي عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!.
إن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة ، ككتابي سيبويه والمزني ، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعُرف ومُيز ، وعلم أنه ملحق وليس في أصل الكتاب ، وكذلك القول في متاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين
__________________
(١) اوائل المقالات في المذاهب المختارات: ٩١ ـ ٩٢. وانظر: ملحق رقم (٧)