وخلاصة الكلام :إن بشاعة هذا القول تغني عن التكلف عن رده ، وهذه هي العمدة في رفض المتأخرين من علماء السنة لهذا القول. ولأجل ذلك قد التجأ بعضهم كأبي جعفر محمد بن سعدان النحوي ، والحافظ جلال الدين السيوطي إلى القول بأن هذه الروايات من المشكل والمتشابه ، وليس يدري ما هو مفادها مع أنك قد عرفت أن مفادها أمر ظاهر ، ولا يشك فيه الناظر إليها ، كما ذهب إليه واختاره أكثر العلماء (١).
قال في بحوث في تاريخ القرآن : ولعمرى أن هذه النظرية ـ نظرية القراءة بالمعني كما قيل ـ كانت أخطر نظرية في الحياة الإسلامية ، لأنها أسلمت النص القرآني إلى هوي كل شخص يثبته على ما يهواه. وواضح أن تخيير الشخص أن يأتي من تلقاء نفسه بمرادفات لكلمات القرآن أو بما لا يخالفه يستلزم وقوع الريب في القرآن العزيز. وقد قال الله تعالى (قُلْ ما يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَي )(٢).
ولا يوافق الأئمة المعصومون على هذا التفسير الشائع لسبعة أحرف ، وقد سئل الإمام أبو عبدالله الصادق عليه السلام عما يقوله الناس من أن القرآن نزل على سبعة أحرف فقال : كذبوا ـ إلى أن قال ـ ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد. وروى ثقة افسلام كليني بسنده عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إن القرآن واحد نزل من عند واحد ، ولكن
__________________
(١) البيان : ١٨١ ـ ١٨٣.
(٢) يونس : ١٥.