عن أبي سلمة قال : لا أعلمه إلا عن ابي هريرة : فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : انزل القرآن على سبعة أحرف فالمراء فيه كفر ـ ثلاث مرات ـ فما عرفتم منه فاعلموا به ، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه. حيث إن المستفاد من هذا الحديث هو أن السبعة أحرف هي في المعاني لا في الألفاظ فتخلص : أن القرآن انزل على سبعة وجوه من المعاني والتأويلات ، لكن لا تبلغ العقول إلا الأقل منها ، ولابد من الرجوع إلى الراسخين في العلم في الأكثر. والظاهر أنه مأخوذ من الحرف وهو الطرف والجانب ، وكأن للألفاظ القرآنية جوانبا وأطرافا ، أي معاني كلها محتملة احتمالا قريبا ، وهذا النحو من الاستعمال شائع في اللغة الفارسية ، فيقولون : إن كلامه (دو بهلو است) أي أنه ذو معنيين محتملين احتملا قريبا ، يساوي أحدهما الآخر في الظهور (١).
تأمل في كلمات هؤلاء الأعلام عليهم أتم الرحمة والرضوان تراها مكاتفة يدا واحدة تذب عن القرآن الذي وجهت له أخطر فكرة وهي دعوة لتحريفه تحت ستار الدين ، فكان صيانة القرآن من التبديل والتغيير هو المحفز لهم لرفض مبني الأحرف السبعة.
فتاضح أن عقيدة أهل السنة في الأحرف السبعة عقيدة صارخة وبكل وقاحة أن القرآن الكريم يتبع أهواء القراء ولا يثبت على حال ، وأن كل من أراد الاستمزاج والتفنن بكتاب الله فإن الباب على مصراعية مشرع! حتى ليظن أن القرآن لم ينزل لتتبع نصوصه ، بل ليتبع هو أمزجتنا!، وهكذا أصبح تحريف القرآن دينا بين طوائف المسلمين ، فلا تجد لدعوى تحريف القرآن هذه
__________________
(١) بحوث في تاريخ القرآن للسيد مير محمدي زرندي : ٣٢ ـ ٣٥.