قال أبو بكر الأنباري : ـ بسنده ـ عن مسروق قال : لما احتضر أبو بكر أرسل إلى عائشة فلما دخلت عليه قالت : هذا كما قال الشاعر : (إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر) فقال أبو بكر : ، هلا قلت كما قال الله : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحيد) وذكر الحديث.
فكان السبيل الوحيد لتزيه ساحة أبي بكر من الهجر أن يخترع لما أخطأ فيه وجه معتبر ضمن فضفاضة الأحرف السبعة ، فيكون أبوبكر ممن لا يخطأ ولا يهجر في القول ، بل كان يعرف ما يتفوه به حتى في حال موته! (١)
ونحمد الله أن هذا التكلف لم يقبله كل علمائهم ، فإن واحدا منهم وهو القرطبي رفضه على استحياء ، فقال إن هذا المورد يجري مجرى النسيان من أبي بكر ولكنه عاد وفآثر تخفيف الوطء فردد ذلك بين نسيان أبي بكر وبين خطأ الرواة! ، فقال :
وقد زعم من طعن على القرآن فقال : أخالف المصحف كما خالف أبو بكر فقرأ : وجاءت سكرة الحق بالموت ، فاحتج عليه بأن أبا بكر رويت عنه روايتان : إحداهما موافقة للمصحف فعليها العمل ، والأخرى تجري مجرى
__________________
(١) هكذا يتكلف للصحابة بشتى السبل والحيل حتى تنزه ساحتهم ولو بوجوه تافهة ، ولكن رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تجده عندهم يهجر ويهذي على فراش الموت ـ نعوذ بالله من الردة ـ ويقول ما لا يعلم تقليدا منهم لعمر بن خطاب كما نص عليه البخاري في خمسة مواضع من صحيحه ، فعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقف آلات التأويل وعدد التلميع!!