براءة وقوله : (مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ) فالجواب : إن خزيمة رضي الله عنه لما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة وقد كان زيد يعرفهما ولذلك قال : ففقدت آيتين من آخر سورة التوبة ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أو لا ، فالآية إنما ثبتت بلإجماع لا بحزيمة وحده ، جواب ثان : إنما ثبتتبشهادة خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها في صفة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فيه قرينة تغني عن طلب شاهد آخر بخلاف آية الأحزاب ، فإن تلك بشهادة زيد وأبي خزيمة لسماعهما إياها من النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم.
أقول : يرد على جوابه الأول ما يلي:
١ ـ إن قوله (تذكرهما كثير من الصحابة) ادعاء محض.
٢ ـ وقول زيد بن ثابت (ففقدت آيتين ... ) إن صح لا يثبت علمه المسبق بنصها ، فما المانع أن يعلم بوجود آية صفتها كذا وكذا، ولكنه لا يضبط نصها ولا كلماتها؟ كمن يقول إننا كنا نقرأ آية تسمى آية الدين ، وتتكلم عن الدين والشهود وكذا وكذا ولكنه يجهل نصها ، وهذا محتمل جدا ، وكلامنا إنما هو في تواتر القرآن بما هو تواتر تفصيلي أي ضبط النص حرفا بحرف ، وهذا لا يدل عليه كلام زيد السابق.
بل إن ظاهر الكلام عدم علمه بتلكما الآيتين حين الجمع ، وإنما علم عندما جاءه بهما خزيمة رضوان الله تعالى عليه ، وعلى أي حال فمجرد حكاية زيد للحادثة لا يعني أنه كان يعلم نصهما في وقت الجمع على الإجمال فضلا
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١ : ٥٦. حصل خلط عند القرطبي، فالذي ورد في صحيح البخاري أن خزيمة بن ثابت هو صاحب آية الأحزاب ، أما براءة فأبو خزيمة.