نسخت الصحف في المصاحف ، ففقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقرأ بها ، فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم شهادته شهادة رجلين ، وهو قوله (مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْديلاً) (١). (٣)
وعليه من يضمن لنا عدم خفاء آيات أخرى على زيد لم يقف عليها؟ ففقدان آية طويلة نسبيا لمدة تربو على الثلاث عشرة سنة ليس بالأمر الهين ، ولا أدري كيف تلقى رواية البخاري القبول مع ما تنسبه من جهل لأبي بكر وعمر ولزيد ، مع بقاء هذه الصحف المجموعة عند أبي بكر وعمر مدة تأمرهما على الناس؟! فإما أنهما لم يقرآ ما جمعاه! أو قرآه ولكنهما جهلا موضع النقص!
وليتهم تخلوا عما خطه البخاري ولو في هذا المقطع بالذات صيانة لماء وجه جمعهم المزعوم ، وقد أنصف القاضي الباقلاني حيث آثر ما ذكرناه ، فذهب إلى كذب هذه الرواية أو على الأقل اضطراب متنها حينما أشكل عليه بهذا الإشكال :
هذا على أنه روي أن زيدا إنما قال حين أمره عثمان أن يكتب
__________________
(١) الأحزاب : ٢٣.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ٢٣ ، وفي ٦ : ١٤٦ ، وفي ٤ : ٢٤ ، وفي ٥ : ١٢٢ ، وفي ٦ : ٢٢٦ ، وسنن الترمذي ، ح ٣١٠٤ وعلق عليه الترمذي بقوله : (حسن صحيح).