المصحف ، فدل على أن تلك الآي لم تكن في مصحف أبي بكر ولا في مصحف عمر بن الخطاب الذي هو أصل لمصحف عثمان ، وهذه الرواية ليست من روايات الشيعة ، وإنما هي من رواية أصحاب الحديث وموالي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، يقال لهم : ليس في هذا حجة لأنا قد أبنا فيما سلف نقل القرآن وحفظه ، وهذه رواية واحد ، وكثير من الناس يذهبون إلى أنها ـ رواية البخاري ـ موضوعة ، وآخرون يقولون هي مضطربة اضطرابا لا يجب معه العمل بها ، ومما هو عندنا بعد أن يصح فيها القولان ، فأما اضطرابها فلأن رواية جاءت بأن ذلك كان في أيام أبي بكر ، وأخرى بأنه كان في أيام عثمان ، والحديث إذا اختلف يجب رده فكيف إلى هذا الزمان الطويل؟ وكذلك منهم من روي فيه إسقاط الآيات الثلاث، ومنهم من لو يروه ، ولأن ألفاظه اختلفت اختلافا شديدا يطول الكتاب بنقضها ، والحديث إذا اختلفت ألفاظه الاختلاف البين وجب رده والقضاء بقلة ضبط ناقليه ، وأقل أحواله أننا لا ندري كيف قيل ، وأيضا فمن المحال أن يكون نسيان تلك الآية على سائر الصحابة ولا يوجد حفظها إلا عند اثنين منهم ، والروايات تواترت عن أبي بن كعب أنه قال : إن آخر عهد القرآن بالسماء هاتان الآيتان وتلا (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم) (١) ، ولا خلاف في ذلك ولا اضطراب ، وهذا معارض لما روي عن زيد. (٢)
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن : ٣٣٠ ـ ٣٣٢.