أقول : إن قصد أن القرآن لم يكن مجموعا بتمامه لأنه نزل منجما ثم تم جمعه في أواخر حياته فهذا صحيح ، وأما لو قصد أن كل سورة كانت على حدة من غير أن تجمع كلها فتصبح مصحفا فهذا لا يتوافق مع ما مر ، فكيف يكون مرتب السور مع كونه غير مجموع في كتاب واحد؟ أم قصد أن كل سورة كانت تدون وتوضع فوق الخرى وضعا بلا شد وربط ، ثم جاء أبو بكر فأمر بشدها بخيط؟!
وفي موجز البيان : والمصاحف التي عرضت على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم في حياته وقرئت عليه ثلاثة : مصحف عبد الله بن مسعود ، ومصحف أبي بن كعب ، ومصحف زيد بن ثابت وهو آخرها عرضا على النبي صلوات الله وسلامه عليه (١) ، وإذ كانت في سنة وفاته وبقراءته كان يقرأ عليه الصلاة والسلام ، ولذلك اختاره المسلمون. وجاء في صحيح البخاري من حديث قتادة قال : ـ وذكر الحديث ـ قول أنس : إنه لم يجمع القرآن غير أربعة. يحتمل أنه لم يجمع القرآن وأخذه تلقائيا من الرسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم غير أولئك الأربعة ، لأنه قد ثبت بالطرق المتواترة أنه جمع القرآن عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري ، وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو بن العاص. وإنما كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يأمر بكتابة ما
__________________
(١) سيأتي بإذنه تعالى أن آخر من شهد العرضة الأخيرة من الصحابة هو عبد الله بن مسعود حسب رواياتهمم الصحيحة ، وتركيزهم الدائم على أنه زيد بن ثابت لتصحيح إيكال أبي بكر مهمة جمع القرآن له وهو حدث السن دون بقية الصحابة.