صدرت من هذا الشخص وسبقه بها ومجيئه إلى عمر مرة وإلى عثمان مرة أخرى ومع ذلك من هذه صفته سوى الإمام علي عليه السلام.
وقد نص السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه على أن جمع عثمان للمصحف إنما كان برأي أميرالمؤمنين عليه السلام ، قال في سعد السعود :
ثم أعاد عثمان جمع المصحف برأي مولانا علي بن أبي طالب ، وأخذ عثمان مصحف أبي وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة فغسلها غسلا. (١)
ففي تلك الأثناء جاءت أنباء ما لا يحتمل التأخير ، وهو التكفير علانية والفتنة على أشدها في الأمصار بسبب اختلاف القراءة ، والذي أخرج الفكرة من طور التنبيه إلى طور التنفيذ والعمل مجيء الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضوان الله تعالى عليه من الثغور وجبهات القتال إلى المدينة ، فنبه حذيفة عثمان لهذا الأمر حتى يدرك هذه الأمة قبل أن تقتتل وتنهار بسبب اختلاف القراء والتكفير الناشىء منه ، وهذا ما أخرجه البخاري ، والحق إن حذيفة رضوان الله تعالى عليه قد عانى من بعض الصحابة كابن مسعود صاحب نظرية التوسعة في ألفاظ القرآن ، إذ قال له حينما أراد إبلاغ عثمان بهذا الأمر : إما والله لئن فعلت ليغرقنك الله في غير ماء. قال شاذان : في
__________________
(١) سعد السعود : ٢٧٨ ، ط. الحيدرية في النجف ، الأولى.