يديه ، ثم قال : لم فعلت هذا؟ قال : من خشيتك يا رب ، وأنت اعلم. فغفر الله له.
وهذا الحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، رواه أصحاب الحديث والأسانيد من حديث أبي سعيد وحذيفة وعقبة بن عمرو وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وجوه متعددة ، يعلم أهل الحديث انها تفيدهم العلم اليقيني ، وإن لم يحصل ذلك لغيرهم ممن لم يشركهم في أسباب العلم ، فهذا الرجل كان قد وقع له الشك والجهل في قدرة الله تعالى على إعادة ابن آدم بعد ما أُحرق وذرَّ ، وعلى أنه يعيد الميت ويحشره إذا فعل به ذلك ، وهذان أصلان عظيمان ، أحدهما متعلق بالله تعالى وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير ، والثاني متعلق باليوم الآخر ، وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ويجزيه على أعماله ، ومع هذا فلما كان مؤمنا بالله في الجملة ومؤمنا باليوم الآخر في الجملة ، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت وقد عمل عملا صالحا ، وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح (١).
ومن كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه : ومنهم من قال : المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي. قال أولئك : وهذا الفرق خطأ أيضا ، فان كثيرا من المسائل العلمية عليها أدلة قطعية عند من عرفها وغيرهم لم يعرفها ، وفيها ما هو قطعي بالإجماع كتحريم المحرمات ووجوب الواجبات الظاهرة ، ثم لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم
__________________
(١) كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير١٢ : ٤٨٧ ـ ٤٩٣.