والدليل على هذا الأصل الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار ، أما الكتاب فقوله سبحانه وتعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ) (١). وقوله : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (٣). وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم أن الله تعالى قال : قد فعلت لما دعا النبي والمؤمنون بهذا الدعاء.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : أعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، وأنه لم يقرأ بحرف منها إلاّ أعطيه. وإذا ثبت بالكتاب المفسر بالسنة أن الله قد غفر لهذه الأمة الخطأ والنسيان ، فهذا عام عموما محفوظا ، وليس في الدلالة الشرعية ما يوجب أن الله يعذب من هذه الأمة مخطئا على خطئه ، وان عذب المخطئ من غير هذه الأمة ، وأيضا قد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال : إن رجلا لم يعمل خيرا قط ، فقال لأهله : إذا مات فأحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر ، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ، فلما مات الرجل فعلوا به كما أمرهم ، فأمر الله البر فجمع ما فيه ، وأمر البحر فجمع ما فيه فإذا هو قائم بين
__________________
لأهل الأرض لما وافق أهلها عليه بهذه النتيجة ، فأطلق أحد مشايخ الوهابية حكمه فقال : إن لم يرجع فهو كافر!
(١) الأحزاب : ٥.
(٢) البقرة : ٢٨٦.