ولا ريب أن من قال : إن أصوات العباد قديمة فهو مفتر مبتدع له حكم أمثاله ، كما أَن من قال : إن هذا القرآن ليس هو كلام الله فهو مفتر مبتدع له حكم أمثاله ، ومن قال : إن القرآن العربي ليس هو كلام الله ، بل بعضه كلام الله وبعضه ليس كلام الله مفتر مبتدع له حكم أمثاله (١) ، ومن قال : إن معنى آية الكرسي وآية الدين ، وقل هو الله أحدن وتبت يدا أبي لهب معنى واحد فهو مفتر مبتدع له حكم أمثاله ، وأما التكفير فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد وقصد الحق فأخطا لم يكفرن بل يغفر له خطأه ، ومن تبين له ماء به الرسول فشاقّ الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر (٣).
فالتكفير يختلف بحسب اختلاف حال الشخص ، فليس كل مخطئ ولا مبتدع ولا جاهل ولا ضال يكون كافرا ، بل ولا فاسقا ، بل ولا عاصيا ، لا سيما في مثل مسألة القرآن ، وقد غلظ فيها خلق من أئمة الطوائف المعروفين عند الناس بالعلم والدين ، وغالبهم يقصد وجها من الحق فيتبعه ويعزب عنه وجه آخر لا يحققه ، فيبقى عارفا ببعض الحق جاهلا بعضه بل منكرا له (٣).
وأفصح ابن تيمية عما في صدره حينما استدل على عدم جواز تكفير من أنكر نصوص القرآن الثابتة التي نقرؤها في صلاتنا ، لشبهة عرضت له أو
__________________
(١) فها هو ابن تيمية لم يكفر من ادعى التحريف بل بدّعه وضلّله فقط.
(٢) لاحظ تعليق الكفر على علم المنكر بصدور ما أنكره من الشرع.
(٣) كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير١٢ : ١٧٩ ـ ١٨٠.