وتحمّل الشهادة. (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) سترا لأعناقهن. وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وهشام بضم الجيم. (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) كرره لبيان من يحل له الإبداء ومن لا يحل له. (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) فإنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع بدنهن حتى الفرج بكره. (أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) لكثرة مداخلتهم عليهن واحتياجهن إلى مداخلتهم وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما في الطباع من النفرة عن مماسة القرائب ، ولهم أن ينظروا منهن ما يبدو عند المهنة والخدمة وإنما لم يذكر الأعمام والأخوال لأنهم في معنى الإخوان أو لأن الأحوط أن يتسترن عنهم حذرا أن يصفوهن لأبنائهم (أَوْ نِسائِهِنَ) يعني المؤمنات فإن الكافرات لا يتحرجن عن وصفهن للرجال أو النساء كلهن ، وللعلماء في ذلك خلاف. (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) يعم الإماء والعبيد ، لما روي «أنه عليه الصلاة والسلام أتى فاطمة بعبد وهبه لها وعليها ثوب ، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال عليه الصلاة والسلام : إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك». وقيل المراد بها. الإماء وعبد المرأة كالأجنبي منها. (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) أي أولي الحاجة إلى النساء وهم الشيوخ الهم والممسوحون ، وفي المجبوب والخصي خلاف وقيل البله الذين يتبعون الناس لفضل طعامهم ولا يعرفون شيئا من أمور النساء ، وقرأ ابن عامر وأبو بكر غير بالنصب على الحال. (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الإطلاع ، أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف. (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) ليتقعقع خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فإن ذلك يورث ميلا في الرجال ، وهو أبلغ من النهي عن إظهار الزينة وأدل على المنع من رفع الصوت. (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) إذ لا يكاد يخلوا أحد منكم من تفريط سيما في الكف عن الشهوات ، وقيل توبوا مما كنتم تفعلونه ، في الجاهلية فإنه وإن جب بالإسلام لكنه يجب الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما يتذكر ، وقرأ ابن عامر «أيه المؤمنون» وفي «الزخرف» يا أيه الساحر وفي «الرحمن» أيه الثقلان بضم الهاء في الوصل في الثلاثة والباقون بفتحها ، ووقف أبو عمرو والكسائي عليهن بالألف ، ووقف الباقون بغير الألف. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) بسعادة الدارين.
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢)
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) لما نهى عما عسى أن يفضي إلى السفاح المخل بالنسب المقتضي للألفة وحسن التربية ومزيد الشفقة المؤدية إلى بقاء النوع بعد الزجر عنه مبالغة فيه عقبه بأمر النكاح الحافظ له والخطاب للأولياء والسادة ، وفيه دليل على وجوب تزويج المولية والمملوك وذلك عند طلبهما ، وإشعار بأن المرأة والعبد لا يستبدان به إذ لو استبدا لما وجب على الولي والمولى ، و «أيامى» مقلوب أيايم كيتامى ، جمع أيم وهو العزب ذكرا كان أو أنثى بكرا كان أو ثيبا قال :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي |
|
وإن كنت أفتى منكم أتأيّم |
وتخصيص (الصَّالِحِينَ) لأن إحصان دينهم والاهتمام بشأنهم أهم ، وقيل المراد الصالحون للنكاح والقيام بحقوقه ، (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) رد لما عسى أن يمنع من النكاح ، والمعنى لا يمنعن فقر الخاطب أو المخطوبة من المناكحة فإن في فضل الله غنية عن المال فإنه غاد ورائح ، أو وعد من الله بالإغناء لقوله صلىاللهعليهوسلم «اطلبوا الغنى في هذه الآية». لكن مشروط بالمشيئة كقوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ). (وَاللهُ واسِعٌ) ذو سعة لا تنفد نعمته إذ لا تنتهي قدرته. (عَلِيمٌ) يبسط الرزق ويقدر على ما تقتضيه حكمته.