يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤٥)
(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) بالمعاقبة بينهما أو بنقص أحدهما وزيادة الآخر ، أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور أو بما يعم ذلك. (إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما تقدم ذكره. (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) لدلالة على وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيئته وتنزهه عن الحاجة وما يفضي إليها لمن يرجع إلى بصيرة.
(وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) حيوان يدب على الأرض. وقرأ حمزة والكسائي «خالق كل دابة» بالإضافة. (مِنْ ماءٍ) هو جزء مادته ، أو ماء مخصوص هو النطفة فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل إذ من الحيوانات ما يتولد عن النطفة ، وقيل (مِنْ ماءٍ) متعلق ب (دَابَّةٍ) وليس بصلة ل (خَلَقَ). (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحية وإنما سمي الزحف مشيا على الاستعارة أو المشاكلة. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالإنس والطير. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالنعم والوحش ويندرج فيه ما له أكثر من أربع كالعناكب فإن اعتمادها إذا مشت على أربع ، وتذكير الضمير لتغليب العقلاء والتعبير بمن عن الأصناف ليوافق التفصيل الجملة والترتيب لتقديم ما هو أعرف في القدرة. (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا ومركبا على اختلاف الصور والأعضاء والهيئات والحركات والطبائع والقوى والأفعال مع اتحاد العنصر بمقتضى مشيئته. (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يشاء.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)(٤٨)
(لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) للحقائق بأنواع الدلائل. (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بالتوفيق للنظر فيها والتدبر لمعانيها. (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو دين الإسلام الموصل إلى درك الحق والفوز بالجنة.
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ) نزلت في بشر المنافق خاصم يهوديا فدعاه إلى كعب بن الأشرف وهو يدعوه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل في مغيرة بن وائل خاصم عليّا رضي الله عنه في أرض فأبى أن يحاكمه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. (وَأَطَعْنا) أي وأطعناهما. (ثُمَّ يَتَوَلَّى) بالامتناع عن قبول حكمه. (فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) بعد قولهم هذا. (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) إشارة إلى القائلين بأسرهم فيكون إعلاما من الله تعالى بأن جميعهم وإن آمنوا بلسانهم لم تؤمن قلوبهم ، أو إلى الفريق منهم وسلب الإيمان عنهم لتوليهم ، والتعريف فيه للدلالة على أنهم ليسوا بالمؤمنين الذين عرفتهم وهم المخلصون في الإيمان والثابتون عليه.
(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) أي ليحكم النبي صلىاللهعليهوسلم فإنه الحاكم ظاهرا والمدعو إليه ، وذكر الله لتعظيمه والدلالة على أن حكمه صلىاللهعليهوسلم في الحقيقة حكم الله تعالى (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) فاجأ فريق منهم الإعراض إذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنك لا تحكم لهم ، وهو شرح للتولي ومبالغة فيه.
(وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(٥٠)
(وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُ) أي الحكم لا عليهم. (يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم، و