(وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٤٤)
(وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ) أي وصدها عبادتها الشمس عن التقدم إلى الإسلام ، أو وصدها الله عن عبادتها بالتوفيق للإيمان. (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) وقرئ بالفتح على الإبدال من فاعل صدها على الأول ، أي صدها نشؤها بين أظهر الكفار أو التعليل له.
(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) القصر وقيل عرصة الدار. (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) روي أنه أمر قبل قدومها ببناء قصر صحنه من زجاج أبيض وأجرى من تحته الماء وألقى فيه حيوانات البحر ووضع سريره في صدره فجلس عليه ، فلما أبصرته ظنته ماء راكدا فكشفت عن ساقيها. وقرأ ابن كثير برواية قنبل «سأقيها» بالهمز حملا على جمعه سئوق وأسؤق. (قالَ إِنَّهُ) إن ما تظنينه ماء. (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) مملس. (مِنْ قَوارِيرَ) من الزجاج.
(قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بعبادتي الشمس ، وقيل بظني بسليمان فإنها حسبت أنه يغرقها في اللجة.
(وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فيما أمر به عباده وقد ، اختلف في أنه تزوجها أو زوجها من ذي تبع ملك همدان.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)(٤٧)
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) بأن اعبدوا الله ، وقرئ بضم النون على اتباعها الباء. (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) ففاجؤوا التفرق والاختصام فآمن فريق وكفر فريق ، والواو لمجموع الفريقين.
(قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ) بالعقوبة فتقولون ائتنا بما تعدنا. (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) قبل التوبة فتؤخرونها إلى نزول العقاب فإنهم كانوا يقولون إن صدق إيعاده تبنا حينئذ. (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) قبل نزوله. (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بقبولها فإنها لا تقبل حينئذ.
(قالُوا اطَّيَّرْنا) تشاءمنا. (بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) إذ تتابعت علينا الشدائد ، أو وقع بيننا الافتراق منذ اخترعتم دينكم. (قالَ طائِرُكُمْ) سببكم الّذي جاء منه شركم. (عِنْدَ اللهِ) وهو قدره أو عملكم المكتوب عنده. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) تختبرون بتعاقب السراء والضراء ، والإضراب من بيان طائرهم الّذي هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعي إليه.
(وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ)(٤٩)
(وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) تسعة أنفس ، وإنما وقع تمييزا للتسعة باعتبار المعنى ، والفرق بينه وبين النفر أنه من الثلاثة أو السبعة إلى العشرة ، والنفر من الثلاثة إلى التسعة. (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) أي شأنهم الإفساد الخالص عن شوب الصلاح.