(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) ربكم عن إدراككم. (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) إن فررتم من قضائه بالتواري في الأرض أو الهبوط في مهاويها ، والتحصن (فِي السَّماءِ) أو القلاع الذاهبة فيها وقيل ولا من في السماء كقول حسان :
أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) يحرسكم عن بلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) بدلائل وحدانيته أو بكتبه. (وَلِقائِهِ) بالبعث. (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) أي ييأسون منها يوم القيامة ، فعبر عنه بالماضي للتحقق والمبالغة ، أو أيسوا في الدنيا لإنكار البعث والجزاء. (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) بكفرهم.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٢٤)
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) قوم إبراهيم له. وقرئ بالرفع على أنه الاسم والخبر. (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) وكان ذلك قول بعضهم لكن لما قيل فيهم ورضي به الباقون أسند إلى كلهم. (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) أي فقذفوه في النار فأنجاه الله منها بأن جعلها عليه بردا وسلاما. (إِنَّ فِي ذلِكَ) في إنجائه منها. (لَآياتٍ) هي حفظه من أذى النار وإخمادها مع عظمها في زمان يسر وإنشاء روض مكانها. (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) لأنهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها.
(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ)(٢٥)
(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها ، وثاني مفعولي (اتَّخَذْتُمْ) محذوف ويجوز أن تكون مودة المفعول الثاني بتقدير مضاف أي اتخذتم أوثانا سبب المودة بينكم أو بتأويلها بالمودودة ، وقرأها نافع وابن عامر وأبو بكر منونة ناصبة بينكم والوجه ما سبق ، وابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس مرفوعة مضافة على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي مودودة أو سبب مودة بينكم ، والجملة صفة (أَوْثاناً) أو خبر إن على أن ما مصدرية أو موصولة والعائد محذوف وهو المفعول الأول ، وقرئت مرفوعة منونة ومضافة بفتح (بَيْنِكُمْ) كما قرئ (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) وقرئ «إنما مودة بينكم». (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي يقوم التناكر والتلاعن بينكم ، أو بينكم وبين الأوثان على تغليب المخاطبين كقوله تعالى : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا). (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يخلصونكم منها.
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)(٢٧)
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) هو ابن أخيه وأول من آمن به ، وقيل إنه آمن به حين رأى النار لم تحرقه. (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ) من قومي. (إِلى رَبِّي) إلى حيث أمرني. (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) الّذي يمنعني من أعدائي. (الْحَكِيمُ)