الّذي لا يأمرني إلا بما فيه صلاحي. روي أنه هاجر من كوثى من سواد الكوفة مع لوط وامرأته سارة ابنة عمه إلى حران ، ثم منها إلى الشأم فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم.
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) ولدا ونافلة حين أيس من الولادة من عجوز عاقر ولذلك لم يذكر إسماعيل. (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ) فكثر منهم الأنبياء. (وَالْكِتابَ) يريد به الجنس ليتناول الكتب الأربعة. (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ) على هجرته إلينا. (فِي الدُّنْيا) بإعطاء الولد في غير أوانه ، والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وانتماء أهل الملل إليه والثناء والصلاة عليه إلى آخر الدهر. (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لفي عداد الكاملين في الصلاح.
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)(٢٨)
(وَلُوطاً) عطف على إبراهيم أو على ما عطف عليه. (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) الفعلة البالغة في القبح ، وقرأ الحرميان وابن عامر وحفص بهمزة مكسورة على الخبر والباقون على الاستفهام وأجمعوا على الاستفهام في الثاني. (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) استئناف مقرر لفاحشتها من حيث إنها مما اشمأزت منه الطباع وتحاشت عنه النفوس حتى أقدموا عليها لخبث طينتهم.
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)(٣٠)
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) وتتعرضون للسابلة بالقتل وأخذ المال أو بالفاحشة حتى انقطعت الطرق ، أو تقطعون سبيل النسل بالإعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث. (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ) في مجالسكم الغاصة بأهلها ولا يقال للنادي إلا لما فيه أهله. (الْمُنْكَرَ) كالجماع والضراط وحل الإزار وغيرها من القبائح عدم مبالاة بها. وقيل الخذف ورمي البنادق. (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في استقباح ذلك أو في دعوى النبوة المفهومة من التوبيخ.
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) بإنزال العذاب. (عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) بابتداع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم ، وصفهم بذلك مبالغة في استنزال العذاب وإشعارا بأنهم أحقاء بأن يعجل لهم العذاب.
(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٢)
(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) بالبشارة بالولد والنافلة. (قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) قرية سدوم والإضافة لفظية لأن المعنى على الاستقبال. (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) تعليل لإهلاكهم لهم بإصرارهم وتماديهم في ظلمهم الّذي هو الكفر وأنواع المعاصي.
(قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً) اعتراض عليهم بأن فيها من لم يظلم ، أو معارضة للموجب بالمانع وهو كون النبي بين أظهرهم. (قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) تسليم لقوله مع ادعاء مزيد العلم به وأنهم ما كانوا غافلين عنه ، وجواب عنه بتخصيص الأهل بمن عداه وأهله أو تأقيت الإهلاك بإخراجهم منها ، وفيه تأخير