للبيان عن الخطاب. (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) الباقين في العذاب أو القرية.
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(٣٣)
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) جاءته المساءة والغم بسببهم مخافة أن يقصدهم قومه بسوء ، و (أَنْ) صلة لتأكيد الفعلين واتصالهما. (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم ضاقت يده وبإزائه رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا له ، وذلك لأن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع. (وَقالُوا) لما رأوا فيه أثر الضجرة. (لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ) على تمكنهم منا. (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب (لَنُنَجِّيَنَّهُ) و (مُنَجُّوكَ) بالتخفيف ووافقهم أبو بكر وابن كثير في الثاني ، وموضع الكاف الجر على المختار ونصب (أَهْلَكَ) بإضمار فعل أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل.
(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٣٥)
(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) عذابا منها سمي بذلك لأنه يقلق المعذب من قولهم ارتجز إذا ارتجس أي اضطرب ، وقرأ ابن عامر (مُنْزِلُونَ) بالتشديد. (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) بسبب فسقهم.
(وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً) هي حكايتها الشائعة أو آثار الديار الخربة ، وقيل الحجارة الممطرة فإنها كانت باقية بعد وقيل بقية أنهارها المسودة. (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار ، وهو متعلق ب (تَرَكْنا) أو (آيَةً).
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ(٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ)(٣٧)
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) وافعلوا ما ترجون به ثوابه فأقيم المسبب مقام السبب ، وقيل إنه من الرجاء بمعنى الخوف. (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) الزلزلة الشديدة وقيلة صيحة جبريل لأن القلوب ترجف لها. (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) في بلدهم أو دورهم ولم يجمع لأمن اللبس. (جاثِمِينَ) باركين على الركب ميتين.
(وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (٣٨)
(وَعاداً وَثَمُودَ) منصوبان بإضمار اذكر أو فعل دل عليه ما قبله مثل أهلكنا ، وقرأ حمزة وحفص ويعقوب (وَثَمُودَ) غير منصرف على تأويل القبيلة. (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) أي تبين لكم بعض مساكنهم ، أو إهلاكهم من جهة مساكنهم إذا نظرتم إليها عند مروركم بها. (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) من الكفر والمعاصي. (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) السوي الّذي بينه الرسل لهم. (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) متمكنين من النظر والاستبصار ولكنهم لم يفعلوا ، أو متبينين أن العذاب لا حق بهم بإخبار الرسل لهم ولكنهم لجوا حتى هلكوا.