أو من وسوسة إبليس وغيرها ، وقرئ (الْحَزَنَ). و (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ) للمذنبين. (شَكُورٌ) للمطيعين.
(الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) دار الإقامة. (مِنْ فَضْلِهِ) من إنعامه وتفضله إذ لا واجب عليه. (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) تعب. (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) كلال ، إذ لا تكليف فيها ولا كد ، أتبع نفي النصب نفي ما يتبعه مبالغة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)(٣٧)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) لا يحكم عليهم بموت ثان. (فَيَمُوتُوا) فيتسريحوا ، ونصبه بإضمار أن ، وقرئ «فيموتون» عطفا على (يُقْضى) كقوله : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ). (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) بل كلما خبت زيد إسعارها. (كَذلِكَ) مثل ذلك الجزاء. (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) مبالغ في الكفر أو الكفران ، وقرأ أبو عمرو «يجزى» على بناء المفعول وإسناده إلى (كُلِّ) ، وقرى «يجازي».
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) يستغيثون يفتعلون من الصراخ وهو الصياح استعمل في الاستغاثة لجهر المستغيث صوته. (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) بإضمار القول وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح والاعتراف به ، والإشعار بأن استخراجهم لتلافيه وأنهم كانوا يحسبون أنه صالح والآن تحقق لهم خلافه. (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) جواب من الله وتوبيخ لهم و (ما يَتَذَكَّرُ) فيه متناول كل عمر يمكن المكلف فيه من التفكر والتذكر ، وقيل ما بين العشرين إلى الستين. وعنه عليه الصلاة والسلام «العمر الّذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة». والعطف على معنى (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) فإنه للتقرير كأنه قال : عمرناكم وجاءكم النذير وهو النبيصلىاللهعليهوسلم أو الكتاب ، وقيل العقل أو الشيب أو موت الأقارب. (فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) يدفع العذاب عنهم.
(إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً)(٣٩)
(إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا يخفى عليه خافية فلا يخفى عليه أحوالهم. (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) تعليل له لأنه إذا علم مضمرات الصدور وهي أخفى ما يكون كان أعلم بغيرها.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) ملقى إليكم مقاليد التصرف فيها ، وقيل خلفا بعد خلف جمع خليفة والخلفاء جمع خليف. (فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) جزاء كفره. (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) بيان له ، والتكرير للدلالة على أن اقتضاء الكفر لكل واحد من الأمرين مستقل باقتضاء قبحه ووجوب التجنب عنه ، والمراد بالمقت وهو أشد البغض مقت الله وبالخسار خسار الآخرة.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً)(٤٠)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني آلهتهم والإضافة إليهم لأنهم جعلوهم شركاء لله