النبات وتعيش الحيوان ، أو في آثاره ومنافعه أو مكانه بالنزول إلى محله ، أو سلطانه فتطمس نوره ، وإيلاء حرف النفي (الشَّمْسُ) للدلالة على أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها. (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) يسبقه فيفوته ولكن يعاقبه ، وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران ، وبالسبق سبق القمر إلى سلطان الشمس فيكون عكسا للأول وتبديل الإدراك بالسبق لأنه الملائم لسرعة سيره. (وَكُلٌ) وكلهم والتنوين عوض عن المضاف إليه ، والضمير للشموس والأقمار فإن اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما في الذات ، أو للكواكب فإن ذكرهما مشعر بهما. (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يسيرون فيه بانبساط.
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ)(٤٢)
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) أولادهم الذين يبعثونهم إلى تجاراتهم ، أو صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم ، فإن الذرية تقع عليهن لأنهن مزارعها. وتخصيصهم لأن استقرارهم في السفن أشق وتماسكهم فيها أعجب ، وقرأ نافع وابن عامر ذرياتهم. (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) المملوء ، وقيل المراد فلك نوح عليه الصلاة والسلام ، وحمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم ، وتخصيص الذرية لأنه أبلغ في الامتنان وأدخل في التعجب مع الإيجاز.
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ) من مثل الفلك. (ما يَرْكَبُونَ) من الإبل فإنها سفائن البر أو من السفن والزوارق.
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٤٤)
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) فلا مغيث لهم يحرسهم عن الغرق ، أو فلا إغاثة كقولهم أتاهم الصريخ. (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ينجون من الموت به.
(إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً) إلا لرحمة ولتمتيع بالحياة. (إِلى حِينٍ) زمان قدر لآجالهم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ)(٤٦)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) الوقائع الّتي خلت أو العذاب المعد في الآخرة ، أو نوازل السماء ونوائب الأرض كقوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو عكسه ، أو ما تقدم من الذنوب وما تأخر. (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لتكونوا راجين رحمة الله ، وجواب إذا محذوف دل عليه قوله : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) كأنه قال وإذا قيل لهم اتقوا العذاب أعرضوا لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٤٧)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) على محاويجكم. (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالصانع يعني معطلة كانوا بمكة. (لِلَّذِينَ آمَنُوا) تهكما بهم من إقرارهم به وتعليقهم الأمور بمشيئته. (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) على زعمكم ، وقيل قاله مشركو قريش حين استطعمهم فقراء المؤمنين إيهاما بأن الله تعالى لما كان قادرا أن يطعمهم ولم يطعمهم فنحن أحق بذلك ، وهذا من فرط جهالتهم فإن الله يطعم بأسباب منها حث الأغنياء على إطعام الفقراء وتوفيقهم له. (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) حيث أمرتمونا ما يخالف مشيئة الله ، ويجوز أن